وجماعة من الأشاعرة الذين أثبتوا الحال قالوا : إن كل معنى يقوم بالجوهر فإنه يوجب له حالة قائمة به هي صفة له ، فإذا قام السواد بالمحل أوجب له كونه أسود وهو أمر مغاير لحلول السواد فيه.
وأما القائلون بالأحوال من المعتزلة فإنهم قالوا : كل معنى يشترط فيه الحياة أو الحياة نفسها فإنها توجب أحوالا ، فالحياة إذا قامت بالذات أوجبت لها الحيية وهي حالة لا موجودة ولا معدومة ، وكذلك العالمية صفة للعالم لا موجودة ولا معدومة معللة بالعلم ، وأما المعاني التي لا تشترط بالحياة فانها لا توجب صفة للمحل كما نقلناه أولا الا الكائنية فإنها حالة معللة بالكون.
وأما ابو يعقوب الشحام وأبو عبد الله البصري وأبو إسحاق بن عياش فإنهم قالوا : إن التحيز هي الجوهرية. قال ابن عياش : كما أن الجوهر يمتنع حصوله في الحيز في العدم كذلك يمتنع اتصافه بالجوهرية ، لأنه لو اتصف بالجوهرية أعني التحيز لكان حاصلا في الحيز والتالي محال (1) فالمقدم مثله.
وأما هما فإنهما قالا : الجوهرية حاصلة للمعدوم فالتحيز حاصل له ، ثم قال أبو يعقوب : إنه حاصل في الحيز (2) في العدم وهو موصوف بالمعاني فألزم بإثبات رجل معدوم على فرس معدوم بيده سيف ، فالتزم به ، ولا شك في أن هذا مكابر في البديهة. وأما أبو عبد الله فإنه قال : الجوهر غير حاصل في الحيز في العدم.
قال الشحام : وصف الجوهر بكونه متحيزا مع أنه غير حاصل في الحيز محال ، والا لجاز وصف الذات بكونها عالمة مع انتفاء العلم عنها. ثم قال أبو عبد الله : إن للمعدوم بكونه معدوما صفة ، وأنكره الكل ، لأن المعدومية لو كانت صفة فعلتها إما الذات فتدوم المعدومية للذات هذا خلف ، أو المختار فتكون
Page 65