223

كان العلم عندنا عبارة عن النسبة بين العالم والمعلوم سقط عنا هذا المحال ، وأفلاطن أثبت المثل فيسقط (1) عنه هذا المحال وإن كان يلزمه المحال من جهة اخرى.

وجماعة المشائين (2) قالوا : بالاتحاد خلاصا من هذا فلزمهم المحال الشنيع.

وبعض مشايخنا المحققين أجاب عن هذا بأنه تعالى لا يفتقر في علمه بالأشياء الى حصول صور مغايرة لصور تلك الأشياء الخارجية ، فإن العاقل منا لشيء من الأشياء بصورة حاصلة في ذاته اذا عقل تلك الصورة لا يفتقر الى صورة أخرى بل يعقل ذلك الشيء بتلك الصورة وتعقل تلك الصورة بذاتها ، فلما كان تلك الصورة الصادرة عن العاقل لا بانفراده بل بالمشاركة من غيره أعني المعقول لا يفتقر العاقل في تعقلها الى صورة مغايرة لها فكيف الفاعل للأشياء على سبيل (3) الاستقلال ، فإنه باقتضاء المعقولية لها لا لصورة (4) زائدة عليها أولى.

وليس الحلول شرطا في المعقولية بل مجرد الحصول ، فإن تحقق الحصول من غير حلول حصل التعقل ، ومن المعلوم أن حصول الأثر لفاعله أقوى من حصول المقبول لقابله ، وكما أن ذاته علة للأشياء وتعقل ذاته علة لتعقل الأشياء مع أن ذاته وتعقله لها أمر واحد بالذات متغاير بالاعتبار كذلك المعلولان اللذان هما الأشياء والتعقل (5) متحدان بالذات ومتغايران بالاعتبار.

وهذا الكلام دقيق ، ومع ذلك قلنا فيه نظر ذكرناه في كتاب الأسرار.

وآخرون سلموا أنه تعالى عالم بالماهيات الكلية ، أما الأشياء الجزئية فإنه تعالى غير عالم بها ، والا لتغير العلم بتغيرها ، فإنه إذا علم وجود زيد الآن في الدار

Page 269