ولكنْ متى ما يُجْمعَا عند واحدٍ ... فحُق له من طاعةٍ بنصيبِ
ومن قوله، وكان مجاورًا لبني قُشير، وهم عثمانية:
يقولُ الأرذلون بنو قُشَيرٍ ... طوالَ الدهرِ ما تنسىَ عليّا
أحبُّ محمدًا حبًّا شديدًا ... وعبّاسًا وحمزةَ والوصيّا
فإنْ يكُ حبُّهم رَشَدًا أُصِبْهُ ... ولستُ بمخطىءٍ إنْ كان غيّا
قال: فقيل له: شككت. فقال: ما شك الله ﷿ حين قال (وإنّا وإيّاكم لعلى هدى أو في ضلالٍ مبين) .
وحدثني أبو زيد عمر بن شبّة قال: لما وقعت الفتنة أيام ابن الزبير بالبصرة، مرّ أبو الأسود على مجلس بني قشير فقال: يا بني قُشير على ماذا أجمع رأيكم في هذه الفتنة؟ قالوا: ولمَ تسألنا يا أبا الأسود؟ قال: لأُخالفه فإن الله لا يجمعكم على هُدَى.
وأنشدني أبو زيد في هذا المعنى:
إذا اشتبه الأمران يومًا واشكلا ... عليَّ ولم أعرفْ صوابًا ولم أدرِ
على محمد فقلت لم
فإن قال قولًا قلت شيئًا خلافهلأن
١٢٦ - عمرو بن شأس الأسدي، يكنى أبا عِرار، شاعر مقدَّم، أسلم في صدر الإسلام، وشهر وقعة القادسية.
أنشدنا حمّاد بن إسحاق الموصلي، من قوله:
وبيضٍ تطلّى بالعبير كانَّما ... يطأنَ، وإنْ أعنَقْهنَ بي جَددًَا وحَلاْ
لهوتُ بها يومًا ويومًا بشاربٍ ... إذا قلتَ مغلوبًا وجدتَ له عَقْلًا
إذا ماجرتْ فيه المُدامُ كأنَّما ... يُصادي هجانًا ردَّ عن شولهِ فَحْلا
ومن قوله:
وقد يُدَوّمِ ريقَ الطّامع الأَملُ
وهو يقول في ابنه عِرار بن عمرو:
فإنَّ عِرارًا إنْ يكنْ غير واضحٍ ... فإنّي أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المنكب العَمَمْ
أرادتْ عِرارًا بالهوانِ ومَنْ يُرِد ... عِرارًا لعمري بالهوانِ فقد ظَلمْ
ومن أصحاب رسول الله ﷺ الذي يُروى عنهم حديثه، رجل يُقال له عمرو بن شأس وهو أسلمي خُزاعي، وليس بهذا، وليس يُروى لذاك شعر.
وحديثُه قولُه ﷺ: لا تؤذِني في عليّ يا عمرو بن شأس.
١٢٧ - عمرو بن الأَهْتَم المِنْقَري، واسم الأهتم سِنان، بن سُمَيّ، سيّد من سادات قومه، وبيت من بيوت الخطابة واللَسَن، ولم يزل ذلك معروفًا لهم منذ الجاهلية، وفي الإسلام متصلًا. ووفد عمرو بن الأهتم على رسول الله ﷺ، في وفد بني تميم وبايعه، وكان حديث السنِّ.
حدثني أبو زيد عمر بن شبّة قال: حدّثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى أن قيس بن عاصم ضرب وجه سنان بن سُميّ في يوم الكُلاب في شيءٍ جرى بينهما بقوسٍ عربية فهتمَ فاه، فعُرف بعد ذلك بالأهتم.
وحدّثني ابو أحمد محمد بن موسى بن حمّاد البربري عن ابن أبي السري عن ابن الكلبي قال: لمّا أمر النبي ﷺ لوفدِ بني تميم بجوائزهم، قال: هل بقي منكم أحد؟ فقال قيس بن عاصم: غلامٌ منّا يحفظ ركابنا، فأمر له النبي ﷺ بمثل ما أمر لكل واحد منهم، فقال عمرو بن الأهتم يهجو قيسًا وينفيه:
ظللتَ مفترشًا هِلْباكَ تشتمني ... عند الرسولِ، فلم تصدُق ولم تُصِبِ
إنْ تبغضونا فإنَّ الرومَ أصلكمُ ... والرومُ لا تملِكُ البغضاءَ للعربِ
سُدْنَا فسؤدَدُنا عِزُّ وسؤدَدُكم ... مؤخَّرٌ عند أصلِ العُجْبِ والذَنَبِ
فقال قيس يعارضه بمثل قوله:
جاءتْ بكم فقرةٌ من أهلها ... حيريّة، ليس كما يزعمون
لولا دفاعي كنتم أعبُدا ... مسكنها الحيرةُ والسَّيْلحون
وحدثني أبو بكر محمد بن خلف قال: حدثنا عليّ بن حرب، قال: حدثنا الهيثم بن محفوظ قال: حدثنا أبو المُقوّم يحيى بن سالم الأنصاري عن الحَكم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ لعمرو بن الأهتم: يا عمرو كيف الزبرقان فيكم؟ قال: يا رسول الله شديد العارضة، مُطاعٌ في أدانيه، مانعٌ ما وراء ظهره.
قال: والله يا رسول الله لقد حسدني، وإنّه ليعلم مني أكثر مما قال. فقال عمرو: أمّا إذا أبيتَ، فأنت والله ما علمت زمر المروءة، ضيقُ العطنِ، حديث الغِنى، أحمق الأب، لئيم الخالِ، والله يا رسول الله ما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الثانية، ولكني رضيت فقلت أحسن ماعلمت، وسخطتُ فقلت أسوأ ما علمت.
1 / 17