فقال الخادم: «نعم يا سيدي فإن كليهما من أسرة بني شهاب، ولعل القرابة بعيدة ولكنها ستصير قريبة.»
فارتاب سالم بهذا الجواب، وراجعه قائلا: «وماذا تعني بذلك؟»
قال الخادم: «إن ...» وتوقف عن الكلام، ونظر إلى باب الغرفة لئلا يكون أحد قادما، فلم ير أحدا فقال: «إن مراده أن يخطب ابنة الأمير سعيد له.»
فتعجب سالم أغا لذلك، وكادت تغلب عليه عواطفه، ثم تجلد وأعاد السؤال قائلا: «هل أنت متأكد من ذلك؟» فقال الخادم بصوت منخفض: «نعم إني سمعت والدها يكلمها في هذا الشأن اليوم قبل الغروب بقليل.»
فدهش سالم أغا وداخله شك في مرافقة غريب، وما أبداه من الحديث أمامه، وقال في نفسه: «يظهر أنهما اختليا للمحادثة في ذلك، فيجب علي أن أتنازل عن الابنة لغريب لأنه أحق مني بها؛ إذ هي من أقاربه وأمثاله.»
وفيما هو في ذلك، دخل الأمير سعيد وغريب وكان يلوح على وجهيهما علامات السرور والابتهاج، فوجدا سالما مرتبك الأفكار، فلما جلسا قال الأمير سعيد لسالم أغا: «في الحق إني مسرور جدا لما سمعته عن «جنابك» من الأمير غريب، ولذلك أعد نفسي سعيدا إذا أتيح لابنتي أن تكون خادمة في بيتك، فأنا من الآن أدعوك صهري.»
فأجاب سالم أغا قائلا: «إني مدين لجنابك بواجب الثناء على هذه المنة أيها الأمير الكريم، وكذلك لصديقي الأمير غريب، ولكنني في غاية الخجل منك الآن لأمر تذكرته، ولم يكن في الحسبان.» فقال الأمير: «خير إن شاء الله.» فقال سالم: «لا أعلم إذا كان خيرا أو شرا، وإنما خطر لي الآن أني مسافر من هذه الديار في أقرب وقت إلى حرب، ولا أعلم إن كنت سأعود منها حيا أو لا أعود. وأرى الأوفق أن نؤجل أمر هذا الزواج حتى أعود، إن قدر لي ذلك إن شاء الله.»
فقال غريب: «وما هذا السفر الآن؟»
فقال سالم أغا: «أنت تعلم أن الدولة لا تزال تسعى في إخراج إبراهيم باشا من هذه الديار، وإن تكن في ظاهر الأمر ولته إياها فقد لا تلبث أن تبعث له جندا لإخراجه؛ لأن الدول الأجنبية غير راضية عن بقائه هنا.»
فقال غريب: «هب أن ذلك صحيح، فإني أسعى بما في وسعي لإخراجك من جند إبراهيم باشا وحروبه، وتبقى معنا هنا نعيش معا ونستريح من الحروب، على أني لا أظن إبراهيم باشا قد طلب زواجك دون أن يكون قد صمم على إعفائك من الأسفار.»
Unknown page