وقد كرس حياته منذ زهد الدنيا للعمل والإرشاد ومساعدة البائسين والمعوزين؛ فقد أنشأ في قرية ياسنايا بوليانا - التي يقيم فيها - مدرسة يعلم فيها بعض ساعات، وعند عصر كل يوم يذهب إلى ظاهر القرية ويجلس تحت شجرة معلومة؛ فيجتمع إليه البائسون والمحتاجون، فيعزيهم بكلمات كالبلسم الشافي، ثم يمدهم بالإحسان، وقد اشتهرت هذه الشجرة في تلك الأرجاء حتى أطلق عليها الأهالي اسم «شجرة الإحسان». وقد قدر الناس عمل تولستوي هذا حق قدره، فأرسلوا إليه من جميع الجهات الأموال ليحسن بها على من يستحق الرحمة والإحسان.
عربنا هذا الكتاب وطبعناه في القاهرة عام 1909 فتخاطفته الأيدي ونفدت نسخه، وقد طلب إلينا كثيرون من جهات متعددة أن نعيد طبعه، فلم يسعنا إلا إجابة طلبهم والنزول على إرادتهم. وقد بوبناه تبويبا جديدا، وأضفنا إليه مقالة ضافية للفيلسوف عن الخمر وأضراره وأوزاره وما تجره على الإنسانية من الويل والثبور وعظائم الأمور، وقدمناه هدية لمشتركي «الإخاء»، فعسى أن تصادف خدمتنا هذه حسن القبول عند أبناء اللغة العربية.
والله نسأل أن يشد أزرنا لخدمة مواطنينا الشرقيين، إنه أكرم مسئول.
كتبه
سليم قبعين
صاحب مجلة الإخاء
هدم مملكة جهنم وتجديدها
1
قال الفيلسوف: حدث ذلك عندما نشر المسيح تعاليمه بين الناس، تلك التعاليم الواضحة القريبة المنال التي يسهل على كل إنسان فهمها وإدراكها واتباع ما جاء فيها من السنن والشرائع، ولا ريب أنها تنقذ الناس التابعين لها من الشر، وتخرجهم من ظلمات الآثام إلى النور الذي شعاره المحبة ودثاره الإخاء والمساواة. وقد انتشر ذلك التعليم بسرعة، ولم يقدر أحد أن يقف في وجه انتشاره أو يصد تياره.
إن بعلزبول
Unknown page