قالت: لاستقبال صاحبك غانم، فإنك أخبرتني بعزيمته على زيارتنا في هذا اليوم.
قال: عوضك الله عن أتعابك خيرا، فقد بطل التدبير.
قالت وقد اضطربت: كيف هذا؟ وماذا وقع من الأمور؟
قال: ألا تذكرين قولي الذي فهت به من نحو خمسة أشهر؟
قالت: لا، وماذا قلت؟
قال: ألم ألمك على التربية التي نشأ فؤاد عليها وذممتها لخروجها عند حد الصواب والاعتدال؟ فقد بالغت في التضييق عليه، وبدلا من منحه قليلا من الحرية كما يجب لكل فتى في سنه، زجرته وتحكمت فيه، ومنعته الاستقلال في ميله وعواطفه، وضغطت عليه شديدا فصيرته في حالة سيئة العاقبة، ألا تتذكرين إذ شبهته بآلة بخارية يشتد عليها الضغط فتنفجر فيها؟ قد رأيت الآن مصداق قولي، ووقع ما كنت أخشى وقوعه وانفجرت الآلة.
قالت: تكلمني بالأمثال والأحاجي، فبالله عليك صرح عن مرادك، فقد أقلقت بالي.
قال: جلية الأمر أن فؤادا اتخذ له رفيقة.
فانذعرت سيدة عند سماع هذا الكلام، واصفر لونها واضطرب منها الجسم، فأمالت رأسها على مسند الكرسي وقالت: ويلاه، ماذا أسمع؟ اتخذ فؤاد له رفيقة؟
قال همام: نعم، وأتى عليه في مرافقتها خمسة شهور.
Unknown page