قال سعيد: ادفع الثمن ولا تتأخر قبل أن تقفل الدكان، فهذه ليلة الأحد والخياطات يتأخرن عن الميعاد نظرا لكثرة الشغل، فخطر في بال فؤاد جمال غادته الهيفاء التي رآها في جملة البنات الخياطات، فدفع ثمن المشروب، وانطلق وصاحبه سعيد إلى جهة الدكان.
الفصل الخامس
كانت دكان الخياطة على بضع خطوات من قهوة البورس، وصاحبتها امرأة أوروبية قد انتقلت إلى محل آخر، وهي حية إلى اليوم الحاضر. وقد وجد فؤاد وسعيد الدكان مفتوحة، والبنات يتأهبن للرحيل، فالواحدة منهن تضع عملها على كرسي أو تحته لتكمله في الغد، وتلبس الأخرى ثوبها، وتكبس الثالثة على برنيطتها، وهكذا حتى يصدر لهن الإذن بالانصراف، فجعل فؤاد وسعيد يترقبان خروجهن، ودارت بينهما المحاورة الآتية:
قال فؤاد: أتفكر أن تكلم صاحبتك الشقراء حين تخرج؟
قال سعيد: ألغير هذا الشأن حضرنا؟
قال فؤاد: تكلمها وليس لك بها معرفة واتصال؟
قال سعيد: أتعرف بها والأمر هين.
قال فؤاد: تتعرف بها في الطريق.
قال سعيد: وأي حرج من ذلك، أمرك والله عجيب، فكأنك قد ربيت في عزلة الجبال، لا تعلم من أمور المدن شيئا.
قال فؤاد: لا يليق أن تكلمها البتة في الطريق، والرأي عندي إن كان لا بد من تعرفك بها أن تدخل إلى الدكان بحجة أن تشتري برنيطة أو شيئا آخر فذلك أليق وأجمل.
Unknown page