كان الإنكليز في ذلك العهد أصحاب السيادة على قسم عظيم من البلاد الأمريكية قبل تحريرها واستقلالها.
وكان الأمريكيون قد كثر تمردهم واستفحل أمرهم، وثاروا على الإنكليز ثورتهم الكبرى، فلم يجدوا بدا من إرسال قوة إلى تلك البلاد لقمع ثورتهم.
وكان الملك قد انتدب المركيز روجر لهذه المهمة، فتأهب للرحيل، وأعدت الدولة السفن لنقل الجند، فسافر المركيز في طليعة جيش كثيف وصحبه ليونيل أخوه والسير جيمس ابن عمه.
وقد علم جان أن السير جيمس لم يتطوع في فرقة ابن عمه المركيز إلا على نية اغتياله؛ فإنه كان قد اعتزل الجندية لجبنه، فخاف جان على المركيز خوفا شديدا، وجمع أربعين من رجاله الأشداء، وأخبرهم بعزمه على اللحاق بالمركيز إلى أميركا، فوافقوه على رأيه، وأمرهم أن يذهبوا إلى باخرة كان قد استأجرها، فذهبوا إليها وبقي هو في المنزل مع شمشون لإعداد بعض المعدات.
حتى إذا فرغ من معداته خرج وفي أثره شمشون كي يذهبا إلى السفينة، ولكنه لم يتجاوز عتبة الباب حتى شعر بطعنة في بطنه، وسمع صوتا يقول: هذه يد الإله سيوا التي طعنتك أيها الأثيم.
وقد سقط جان بين يدي شمشون وهو يقول: إني أخاف أن يكون الجرح قاتلا فأسرع بي إلى السفينة؛ فإني أريد إصدار بعض الأوامر.
وكانت التي طعنته هذه الطعنة الهندية نفسها، ولم يتمكن شمشون من إدراكها لانشغاله بجان، فحمل سيده إلى السفينة، وأركنت الهندية إلى الفرار تصحبها مس ألن، وهي متنكرة بشكل غلام بحار.
وقد عادت مس ألن وهي تتنهد تنهد الارتياح لوثوقها من موت جان، ولكن الخنجر لم يكن مسموما كما توهمت، وقد عالج جرحه في السفينة فشفي قبل أن يصل إلى أميركا. •••
ولا نصف هنا ما كان من تلك الحرب الهائلة التي نشبت بين الإنكليز والأميركان، ولكنا نقول على سبيل الإيجاز إنها دامت ستة أشهر، وإن السير جيمس كاد لابن عمه المركيز عشر مرات، وكان - في كل مرة يتوهم أنه فاز بقصده - يرد كيده إلى نحره؛ فإن عين جان لم تكن تغفل عن المركيز إلى أن افتضح أمر السير جيمس، وعرف المركيز ذلك العدو الذي يكيد له في الظلام، فاكتفى بتحقيره أمام الضباط أو بطرده من الجيش وبإرسال تقرير ضاف عنه إلى الوزارة.
غير أن كل ذلك لم يرجع السير جيمس عن قصده الهائل، بل زاده حقدا على ابن عمه؛ فانضم إلى جيش العدو.
Unknown page