وقد أقام المركيز ساعة بينهم، ثم خرج من النادي فركب مركبته على أن يعود بعد ساعة. •••
عندما دخلت اللادي سيسلي إلى الغرفة التي كان المركيز وليونيل يتبارزان فيها لم يكن قدومها من قبيل الصدفة والاتفاق، بل كان من تدبير مس ألن؛ فإنها حين رأت ليونيل خرج من عندها وهو يتوعد المركيز قالت في نفسها: إنه ذاهب الآن لمقابلة المركيز، وقد دنت النتيجة التي أنتظرها، فلأسرع بإخبار أمه.
وكان منزل اللادي بجوار منزلها؛ فخرجت مسرعة من الحديقة وسارت.
اركضي يا سيدتي إلى قصر إسبرتهون ولا تتأخري لحظة؛ فإن ولديك يقتتلان.
وقد عرف القراء ما جرى؛ فإن اللادي سيسلي وصلت قبل فوات الأوان، ومنعت حدوث المبارزة، وكان ما تقدم لنا بيانه من أنها باتت تعتقد أن المركيز ولدها حقيقة؛ فإن السير روبرت كان قد قال لها قولا مبهما مفاده: أن المركيز روجر ابن غير شرعي للورد إسبرتهون، ولكنه لم يقل هذا القول بصفة جازمة، فلما رأت ما كان من مروءة المركيز حين قابلها وحين رأى صورتها وقال لها: إنك أمي، لم تتمالك عن أن تصيح قائلة: نعم. إنك ولدي.
وعند ذلك نسي المركيز ما جرى له في الجمعية السرية وما كان من صياح سينتيا، حتى إنه نسي تلك الحماية الخفية التي كان يتولاه بها الناباب عثمان، وعاد إلى الاعتقاد بأنه ابن اللورد إسبرتهون الحقيقي الشرعي.
وقد أقام ساعة بين أمه وأخيه لم يجد أهنأ منها في حياته، فكان يسأل أمه أسئلة مختلفة وهو يعجب كيف أنها أذاعت خبر موتها، بحيث اضطرت إلى أن تخبره بكل التفاصيل عن حياتها المحزنة وما كانت تلقاه من ظنون زوجها وعنفه، وكيف أن أخاه السير جاك وشى بها وشايات سافلة حتى بات يعتقد أن ليونيل ليس ولده، بحيث اضطرت أن توهمه أيضا أن ولده ليونيل قد مات كي تنقذه من غضبه.
فقال لها المركيز: ولكن أبي قد مات، فلماذا لم تأتي إلي بعد موته فتقولي لي: أنا هي أمك، وهذا هو أخوك.
قالت: ذلك لأني كنت أخاف هذه الشرائع الإنكليزية الظالمة التي تخص كل شيء بالابن الكبير وتحرم بقية الأولاد؛ فآثرت أن يبقى ليونيل كما هو على أن يظهر وأثير عوامل التحاسد بينكما.
قال: إن هذه الشرائع التي تخافينها لا تسري إلا على الأشراف الذين يريدون أن يلجئوا إليها أما أنا فلا فرق عندي بين الأولاد ولا أميز بين البكر عنهم في شيء.
Unknown page