ثم جدوا في المسير إلى أن بلغوا الباب الرابع، وهناك وجدوا أحد الجنود خارجا من داخل البرج، فطلب إليه الوزير أن يفتح الباب على حسب العادة في الأبواب السالفة، فامتنع الخفير وقال: لا يمكن أن أفتح الباب إلا أن تعلموني من أين آتين وإلى أين ذاهبين!
فقال «أرباسيس»: نحن من خدام الملك ، وقد أمرنا أن نذهب إلى المعبد الأكبر بهذه الجارية لتتوسل أمام النار لنأذن لها بالشفاء؛ لأنها مريضة منذ أشهر.
قال: ولكني أرى لها شأنا؛ لأن الوزير سائر في ركابها، وهي جارية حبشية على ما أرى. وكان هذا الحارس له بالوزير معرفة تامة، فاحتار الوزير في أمره عند سماع هذه الجملة، وقال في نفسه: كيف الخلاص من هذا الرجل، فإذا استعملنا معه القوة استنجد بباقي الجند، وافتضح الأمر، وحبط المسعى؟!
ثم تقدم الوزير إلى الأمام، وقال: افتح الباب أيها الرجل وإلا لا عذر لك بعد المعرفة.
فالتفت إليه الرجل، وقال: نعم سأفتح، ولكن سيظهر ما أنتم صانعون.
ثم فتح الباب وخرجوا جميعا، وتخلف الخادم، وقال للرجل: كيف تتجرأ على الوزير بالمنع؟! أليس هو سر الملك، فكيف تمنعه وهو ربما يكون متوجها لأمر يخص الملك، ولا يريد أن يطلع عليه أحد سواه؟!
فهز الخفير أكتافه، ولم ينطق بشيء، وصار الخادم يتبعهم، ولم يزالوا سائرين إلى أن خرجوا من الباب السابع، وهناك ودع الوزير «مندان» بعد أن أخبرها بكل ما حصل من أمرها وأمر الملك، ورجع وقد أوصى «أرباسيس» بسرعة الإياب؛ لئلا يعلم الملك بغيابه، فيلقي عليه الشبهة باختفاء «مندان» فشكره «أرباسيس»، وسار كل منهم في طريقه.
أما «مندان» ومن معها فساروا يقطعون القفار إلى أن ابتعدوا عن المدينة مسافة نصف يوم، وفي غضون ذلك التفتت «مندان» إلى أستاذها، وقالت: أراني عجزت عن أن أخطي خطوة واحدة أيها الأستاذ.
فلما سمع ذلك اندهش وقال: تجلدي يا مولاتي لنصعد على قمة هذا الجبل؛ لئلا تدهمنا الخيل، فيأخذوننا إلى الملك؛ لأنها الآن في طلبنا بدون شك.
قالت: لا سبيل إلى ذلك؛ لأنه قد اشتد علي المخاض، وإني عاجزة عن القيام بما أمرت.
Unknown page