فواصل وَأدْخل يَوْمًا فِي يَوْم عُقُوبَة للنَّفس إِذا دعت إِلَى الشَّهَوَات
وَقد قَالَ بعض الْحُكَمَاء إِذا دعتك نَفسك إِلَى مَا لَيْسَ لَهَا فامنعها مَا لَهَا
وجوع آخر صَاحِبَة مفوض إِلَى ﷿ فِي حَالَة الْمَنْع وَالعطَاء فَإِن أعْطى حمد وشكر وَإِن منع صَبر واحتسب وَكَذَا رُوِيَ عَن جمَاعَة
وَقد كَانَ أهل الصّفة على الْحق من ذَلِك وَهَكَذَا كَانَ جوع أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ إِذا أعْطوا أكلُوا وشكروا وَإِذا منعُوا حمدوا وصبروا فَلم يجْعَلُوا الْجُوع لَهُم سَببا وَلَا طَرِيقا وَلَا الشِّبَع لَهُم منزلَة وَذَلِكَ أَنه فِي الشِّبَع غلظا وصلابة عِنْد الْوَعْد والوعيد وَفِي الْجُوع رقة واهتياجا للبر
وَقد زعمت طَائِفَة أَنه لَا مرتبَة أعظم من الْجُوع لِأَنَّهُ سيد أَعمال الْبر وَكَذَلِكَ الْجَوَارِح لَا تَأْخُذ الصَّيْد حَتَّى تجوع وتهيج على الصَّيْد وَكَذَلِكَ الْجُوع عِنْدهم وهم طوائف من الْبَصرِيين فَمن أَخذ بذلك وأدب نَفسه بِهِ فعنهم أَخذ وَلم نتبين فِي هَذِه الْمنزلَة مرتبَة يبين فِيهَا الْفضل من أجل أَن النَّبِي ﷺ قَالَ (الطاعم الشاكر بِمَنْزِلَة الجائع الصابر)
وَبعد فَإِن منزلَة الْجُوع وَإِن ولدت الْخُشُوع فَإِن الشِّبَع يطردها فَأَيْنَ الْخُشُوع فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِنَّمَا تحمد الْمنزلَة مَا كَانَ لَهَا زِيَادَة
وَلَكِن يَجْعَل الصَّوْم طَرِيقا واصلا إِلَى الرّيّ والشبع يَوْم الْحَاجة والفقر إِلَى الله ﷿ وَلَيْسَ شَيْء أعظم مرتبَة من الْفقر إِلَى الله ﷿ لِأَن الْفُقَرَاء قد علمُوا علم يَقِين غير شاكين أَن الله ﷿ قَادر على أَن يَأْمر أرديتهم الَّتِي على رقابهم أَن تبلغ مِنْهُم من الْمَكْرُوه مَا إِن تعجز النَّار عَن صفة ذَلِك لعجزت
1 / 98