وَإِلَى كل حاد يحدوهم إِلَى الزِّيَادَة ساكنين وعَلى الْعَمَل المقرب لَهُم إِلَى الله عاكفين
قد جمعت لَهُم الطَّاعَة مرادتهم فِيهَا على قدر الإقبال عَلَيْهَا وأوضحت لَهُم سبل الرشاد فِيهَا فَلم يُرِيدُوا بِمَا أدْركْت أَيدي الظفر مِنْهُم بَدَلا وَلم يبغوا عَن شَيْء من ذَلِك حولا
وَأَصْبحُوا فِي ذَلِك تَوْفِيقًا من سيدهم ومعونة قَائِمَة بالكفاية لَهُم وخفي لطف غير مقطع عَنْهُم فدام لَهُم الْحَال وزكت الْأَعْمَال ووجدوا الظفر بالآمال وَلم يَجدوا عِنْد ذَلِك هوى غَالِبا وَلَا عدوا مطالبا وَلَا أملا فِي النُّفُوس كَاذِبًا
أمات الْعلم بِاللَّه لَهُم أهواءهم وَغلب لَهُم أعداءهم وَجمع لَهُم شملهم وأحكمهم لَهُم أَمرهم وَكَانَ التَّوْفِيق لَهُم صباحا وخفي اللطف من الله دَائِما والتأييد لَهُم من سيدهم مرشدا
فَكَانَت هَذِه صفاتهم وَهِي فِي التعالي فِي ذَلِك على قدر أقدارهم وَمَا أداهم فضل الْعلم بِاللَّه تَعَالَى إِلَى سَبِيل الْعَمَل لَهُ بالاشتغال بدوام الْأَعْمَال على قدر الرّفْعَة فِي الْحَال
وَكَانَت هَذِه الحركات هِيَ الْغَالِبَة عَلَيْهِم دون غَيرهَا من الْحَرَكَة وَكَانَ الْغَالِب على قُلُوبهم محبتهم للموافقة وتحريهم للموصل إِلَى الله سُبْحَانَهُ من الْأَعْمَال دون ذكر مَا كفاهم وَضمن لَهُم من الأرزاق وَغَيرهَا
فَلم يَكُونُوا للأوقات مضيعين وَلَا باستجلاب مَا كفوا متشاغلين وَلَا لما أحب الْخلق من الاستثكار محبين
إِلَّا أَن يكون لسيدهم فِي ذَلِك أَمر جعل لَهُم الْفضل فِيهِ وندبهم إِلَى الْقيام بِهِ مثل قَول النَّبِي ﷺ (كفى بِالْمَرْءِ شرا أَن يضيع من
1 / 32