بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم
الحمد لله والصّلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد ﷺ وعلى أصحابه والتابعين، وبعد:
فقد (١) سَلِمت اللغة العربية الفصحى في عهد رسول الله ﷺ إلى حين وفاته، وجاء عصر الصحابة، ﵃ سالكًا النهج الذى قبله، حيث كان اللسان العربي صحيحا ليس فيه خلل، إلى أن فتحت الأمصار، وخالط العَربُ أجناسًا أخرى من الفرس والروم والنبط والحبش ممن فتح الله على المسلمين بلادهم، فاختلطت الأمم، وامتزجت الألسن. وتداخلت اللغات، ونشأ بينهم الأولاد، فأصبح اللحن في الكلام فاشيا، وبخاصة في البيت والشارع؛ وذلك لكثرة الأعاجم، ثم انتقل إلى العلماء، فأصبح أمرًا عاديا، وعَدُّوا من يتكلّم بالفصحى متكلّما على النَّمَط البدوى، ومن أجل هذا نشأ الخلاف بين مَنْ لا تهمهم القواعد النحوية وبين المحافظين عليها. وربّما كان هذا هو السبب الذى دعا بعض العلماء إلى وضع كتب في لحن العوام، تُنَبِّه إلى هذه الأخطاء، وكُتُبٍ أخرى تقوم بجمع الغريب من القرآن الكريم، وأحاديث الرسول ﷺ وصحابته والتابعين لتفسير الغامض من ألفاظهما، وتوضيح المُشكِل من معانيهما خدمةً للغة والدِّين جميعا.
وإنّا لذاكرون هنا تقدمةً لنشأة كتب غريب القرآن وتطورها، والعلماء
_________
(١) انظر مقدمة غريب الحديث للِإمام الخطابي.
مقدمة / 7