الكلفة، فرأيت أن أجمع ما فيهما من غريب الحديث مجردّا من غريب القرآن، وأضيف كلّ كلمة إلى أختها في بابها، تسهيلًا لكلفة الطلب. ثم يقول: وقد وجدتهما على كثرة ما أُودع فيهما من غريب الحديث والأثر، قد فاتهما الكثير الوافر ... وحيث عرفت ذلك تنبَّهت لاعتبار غير هذين الكتابين من كتب الحديث المدوّنة المصنّفة في أوّل الزمان وأوسطه وآخره فتتبعتها، واستقريت ما حضرنى منها، واستقصيت مطالعتها من المسانيد والمجاميع وكتب السنن، والغرائب قديمها وحديثها، كتب اللغة على اختلافها، فرأيتُ فيها من الكلمات الغريبة ممّا فات الكتابين كثيرًا فصدفت حينئذ عن الاقتصار على الجمع بين كتابيهما، وأضفت ما عثرت عليه ووجدته من الغرائب إلى ما في كتابيهما في حروفها مع نظائرها وأمثالها.
ثم يقول: وجعلت على ما فيه من كتاب الهروى (هاء) بالحمرة، وعلى ما فيه من كتاب أبى موسى (سينا)، وما أضفته من غيرهما مهملا بغير علامة، ليتميّز ما فيهما عما ليس فيهما. اهـ.
ولكن هل تحقق هذا التمييز الذي أراده ابن الأثير؟
والجواب: كلّا، فكثير جدًا من الأحاديث خلت من العلامة وهي لأبي موسى، وبعض الأحاديث عليها علامة (هـ) وهي لأبى موسى، وقليل جدا من الأحاديث معزوة لأبى موسى وهي للهروى، وبعض الأحاديث عليها علامتا (هـ، س) وهي لأبي موسى وحده. وبعض الأحاديث عُزِيت لأبى موسى ولم تأت في باقى نسخ المغيث فأظنها للهروى، فأرجع إلى كتابه فلا أجدها فيه، ولعلّها من الأحاديث التي أضافها أبو موسى، وهناك احتمال آخر، وهو أن يكون ابن الأثير كانت لديه نُسخَة من المغيث غير التي بأيدينا.
هذا وابن الأثير يتصرّف في كلام أبي موسى مرّة بالزيادة، وهذا قليل جدا، وذلك حينما يريد التوضيح والبيان. انظر مادة (حلق) وحديث:
مقدمة / 44