وكان يَمنعُ مَنْ يمشي معه، فَعَلْتُ ذلك مَرّةً فزَجَرني وتردَّدتُ إليه نحوًا من سنة ونصف، فما رأيتُ منه، ولا سمعتُ عنه سقطةً تُعابُ عليه.
ويستأنف الذهبي كلامه فيقول: كان أبو مسعود كُوتاه (ت: ٥٥٣ هـ) يقول: أبو موسى كَنْزٌ مَخْفِىّ.
وسمعتُ شيخَنا العلامة أبا العباس بن عبد الحليم يُثْنِي على حفظ أبي موسى، ويُقدّمه على الحافظ ابن عساكر باعتبار تصانيفه ونفعها.
وقال ابن النجار: انتشر عِلْمُ أبي موسى في الآفاق، ونفع الله به المسلمين، واجتمع له ما لم يجتمع لغَيْره من الحِفظ والعلم والثّقة والإتقان والصلاح، وحُسْن الطريقة، يصحة النقل. قرأ القرآن بالروايات، وتفقّه للشافعي، ومهر في النحو واللغة، وكتب الكثير.
رحل إلى بغداد، وحجّ سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وسنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وقال إسماعيل التَّيميّ شَيخُه لِطالب عِلْم: الْزَم الحافِظَ أبا موسى فإنَّه شاب مُتقِن.
وقال محمد بن محمود الُرَّوَيْدَشْتِيُّ: صنَّف الأئمة في مناقب شيخنا أبي موسى تَصانيفَ كثيرة.
وقد توفّى الحافظ أبو موسى في تاسع جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان يومئذ حافظ المشرق، وفي هذه السنة مات حافظ المغرب أبو محمد عبد الحقّ بن عبد الرحمن الأزدىُّ مُصنِّف الأَحكام، وعالم الأندلس الحافظ أبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أَصْبَغ الخَثْعَمِيّ السُّهَيْلِيّ المالَقِيّ الضّرِيرُ، صاحب "الرَّوْضِ الأُنُف".
رأى علماء آخرين فيه:
١ - قال ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات (ت: ٦٠٦ هـ): "كان أبو موسى المديني إماما في عصره، حافظًا متقنا تُشَدُّ إليه
مقدمة / 18