وأَلَّف في الغريب في أوائل القرن السادس الراغب الأصفهاني (ت: ٥٠٢ هـ) أبو القاسم حسين بن محمد (١)، ووصل إلينا كتابه: "المفردات في غريب القرآن" وطبع سنة ١٣٢٤ هـ، ثم أعيد طبعه، وقدّم الراغب بين يدَى كتابه مقدمة طويلة ذكر فيها: أهمية معرفة ألفاظه، وتَعرَّض لمنهجه، حيث يقول: "ذكَرتُ فيه مفردات ألفاظِ القرآن على حروف التَّهجِىّ، فقدّمت ما أَوَّله الألف، ثم الباء، على ترتيب حروف المعجم معتبرًا أوائل حروفه الأصلية، دون الزوائد، والِإشارة فيه إلى المناسبات التي بين الألفاظ المستعارات منها والمشتقّات، حسبما يحتمل التوسع في هذا الكتاب".
وكان هذا الترتيب أَيسر ترتيب وصل إليه العرب، وأُعجِبوا به كلّ الِإعجاب .. أمّا علاجه للألفاظ فكان لغويا، راعَى فيه التفسير الواضح، والالتفات إلى بعض المشتقات، والِإتيان بالشواهد من الحديث والشعر، والتزم إيراد ما يؤخذ من اللفظ من مجاز وتشبيه ... وقد أصبح هذا الكتاب علما بارزًا في هذا الفرع من العلوم، بفضل ترتيبه وعلاجه الاستعمال المجازي، وهو أشبه ما يكون بمعجم كاملٍ للألفاظ القرآنية.
وأمّا الحديث (٢) فقيل: إن أوّل من جمع في هذا الفنّ شيئا وألّف: أبو عبيدة معمر بن المثنى، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأَثر كتابًا صغيرًا ذَا أوراقٍ معدودات، ولم تكن قِلَّتُه لجهله بغيره من غريب الحديث، وإنّما كان ذلك لأَمرين:
أحدهما: أنّ كلّ مبتديء لشيءٍ لم يُسْبَق إليه، ومبتدعٍ لأَمرٍ لم يتقدَّم فيه عليه فإنه يكون قليلًا ثم يكثر، وصغيرًا ثم يكبر.
_________
(١) من كتبه: محاضرات الأدباء، وجامع التفاسير (عن روضات الجنات / ٢٤٩).
(٢) انظر مقدمة غريب الحديث للخطابي، ومقدمة النهاية لابن الأثير.
مقدمة / 10