271

شهر رمضان من سنة ست وأربعمائة بين أبي سعد النيسابوري المتكلم الوارد في صحبة الأستاذ الفاضل أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي خالد، أدام الله تأييده، وبين شيخ يهودي من أهل صور، متكلم ورد منتجعا اليهود بهذه البلدة، مناظرة في النسخ سمعا، فقال أبو سعد: هذا الذي تدعي أن التوراة تدل عليه من تأييد الشريعة، أهو عام أم مستثنى منه [109 ظ] من لا عقل له؟

ومن قد مات فسقط التكليف عنه؟ قال: بل مستثنى منه هذان الصنفان، قال أبو سعد: فما تنكر أن يكون إذا تطرق عليه الحوض، وهو عام في الظاهر أن يكون مستثنى منه بجنس آخر، وهو ورود شريعة أخرى تنسخه، فقال موسى اليهودي: الصنفان اللذان استثنى بهما دل العقل على الاستثناء بهما، وأعيى ما في الفطرة من معرفتهما عن أن يقيدا بالاستثناء ظاهر في اللفظ.

قال أبو سعد: وكذلك في الفطرة لا يجوز جمع الضدين، والجمع بين شريعة وشريعة أخرى، جمع بين ضدين، وهذا غير جائز في العقل، فكما كان في لفظ التأييد استثناء عقلي وإن لم تلفظ به، بالجنون والموت لدلالة العقل على سقوط التكليف عن صاحبها، فكذلك فيه استثناء عقلي بورود شريعة أخرى تنقضه لدلالة العقل على امتناع الجمع بين ضدين.

فأفحم اليهودي على بهته، وعلم أنا قد اطلعنا من سرائر التوراة على ما سنفرد به رسالة نستعين عليها بأهل الخبرة، ونضمنها بعض التعليقات المهمة.

هذا الكلام الأخير كلام الوزير رحمه الله.

[خطبة القاضي ابن قريعة]

خطبة خطبها القاضي أبو بكر ابن قريعة [1] رحمه الله، في دعوة لأبي

Page 296