Majmuc Fatawa
مجموع الفتاوى
Publisher
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Publisher Location
السعودية
الْمُفْلِحِينَ، بَلْ لَهُمْ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَرْفَعْ اللَّهُ [الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنَ الْمَؤْمِنِينَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُؤْتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ] (١).
وَعِلْمُ الْإِسْنَادِ وَالرِّوَايَةِ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَجَعَلَهُ سُلَّمًا إلَى الدِّرَايَةِ. فَأَهْلُ الْكِتَابِ لَا إسْنَادَ لَهُمْ يَأْثُرُونَ بِهِ الْمَنْقُولَاتِ، وَهَكَذَا الْمُبْتَدِعُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَهْلُ الضَّلَالَاتِ، وَإِنَّمَا الْإِسْنَادُ لِمَنْ أَعْظَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمِنَّةَ " أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَالْمُعْوَجِّ وَالْقَوِيمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْكُفَّارِ إنَّمَا عِنْدَهُمْ مَنْقُولَاتٌ يَأْثُرُونَهَا بِغَيْرِ إسْنَادٍ، وَعَلَيْهَا مِنْ دِينِهِمْ الِاعْتِمَادُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ فِيهَا الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ، وَلَا الْحَالِي مِنْ الْعَاطِلِ. وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمَرْحُومَةُ وَأَصْحَابُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَعْصُومَةِ: فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالدِّينِ هُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى يَقِينٍ، فَظَهَرَ لَهُمْ الصِّدْقُ مِنْ الْمَيْنِ، كَمَا يَظْهَرُ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ. عَصَمَهُمْ اللَّهُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خَطَأٍ فِي دِينِ اللَّهِ مَعْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ، وَأَمَرَهُمْ إذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾. فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُكْمِ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَقًّا، وَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ
1 / 9