Majmuc Fatawa
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله
Genres
ما ليس منه!، سبحانك هذا بهتان عظيم، وكفر صريح عامل الله قائله بما يستحق. الوجه الثالث: أن وظيفة العقول هي التدبر للمنزل، والتعقل لما دل عليه من المعنى بقصد الاستفادة والعمل والاتباع. كما قال الله سبحانه: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} (1) وقال سبحانه: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (2) أما تحكيمها في الإيمان ببعض المنزل ورد بعضه فهو خروج بها عن وظيفتها، وتجاوز لحدودها، وعدوان من فاعل ذلك كما سبق بيانه.
الوجه الرابع: أن العقول الصحيحة الصريحة لا تخالف المنقول الصحيح ولا تضاده لأن الرسل صلى الله عليهم وسلم لا يأتون بما تحيله العقول الصحيحة، ولكن قد يأتون بما تحار فيه العقول لقصورها وضعف إدراكها، فيجب عليها أن تسلم للصادق الحكيم العليم بكل شيء، خبره وحكمه، وأن تخضع لذلك وتؤمن به. وقصة عصا موسى، وقصة أهل الكهف ليستا مما تحيله العقول؛ لأن قدرة الله سبحانه، عظيمة وشاملة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، كما قال سبحانه: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} (3) وقال سبحانه: {وكان الله على كل شيء مقتدرا} (4) ولما سبق من الآيات الكثيرات، في هذا المعنى وقد جعل الله هذه العصا معجزة باهرة لرسوله وكليمه موسى صلى الله عليه وسلم، وأيده بها على عدوه فرعون ليقيم الحجة عليه وعلى قومه، فكانت من الآيات العظيمة التي خرق الله بها العادة من أجل تأييد الحق، وإبطال ما جاء به السحرة من السحر العظيم، الذي سحروا به أعين الناس واسترهبوهم، فلقفت هذه العصا في
Page 107