Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Genres
وروينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في أهل بيته: ((أنا سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم)) والمعلوم أن من حارب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كافر لا محالة، ومثلهم بباب السلم -والسلم هو الإسلام- فمن لم يتمسك بهم كفر حكما وإلا بطل التمسك وهو نبوي لا يجوز ذلك فيه، ومثلهم بسفينة نوح وما تخلف عنها إلا الكافرون بالإجماع والنص، وكذلك المتأخر عنهم من هذه الأمة يكون كافرا وإلا بطل التمثيل ولا يجوز بطلانه؛ لأنه في الحكم كأنه من الله تعالى، قال تعالى: ?وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى?[النجم:3، 4]، وإنما يستعظم -رحمك الله تعالى- التكفير من يجهل أحكام الحرمات، ويستصغر جرايم المجرمين والمجرمات؛ وإلا فأي كفر أعظم من قتل ذرية الأنبياء، وسلالة الأوصياء سلام الله عليهم الذين يأمرون الناس بالقسط، ويقضون بالحق وبه يعدلون، وكم قد ظهر من الآيات الدالة على الكفر إذا كان في الحديث أن لقاتل محمد بن عبد الله النفس الزكية عليه السلام ثلث عذاب أهل جهنم ما ترى يكون حكمه، وإذا كان قاتل يحيى بن زيد عليه السلام رأى في المنام كأنه قتل نبيا فخرج إلى أصحابه في المسجد وأخبرهم بمنامه، وأمرهم بغل يده إلى عنقه، فلما قام يحيى بن زيد عليه السلام قالوا له: لا غنى عن رميك، وقد خرج هذا الخارجي فاخرج معنا لحربه، فإذا فرغنا من حربه رددنا يدك إلى حالها الأولى. فخرج معهم فكان هو الرامي ليحيى بن زيد عليه السلام فصرعه، وأجهز عليه سورة بن محمد الكندي فلما رجعوا من حربهم ردوا يده على حالها على غير شيء وقد تبت يداه، وخسر آخرته ودنياه؛ لأن المعلوم لأهل العقول أن من آذى رسول الله بكلمة متعمدا كفر بلا خلاف، ومن المعلوم أن قتل ذريته، أعظم من أذيته هذا مع السب لهم والتبري منهم والمباينة والمحاربة.
Page 140