فأما وجوبها في الكتاب فقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم:{ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد } [الرعد:7]، فبين أن كل قوم هاديا، فاختلفوا في الهادي من هو وممن هو؟ فبين الله ذلك بفضله، فيما نزل من محكم قوله، فقال عز من قائل: قد أنزل الله إليكم ذكرا(10) رسولا } [الطلاق:10 - 11]، فسمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرا، ثم أمر بسؤال آله، فقال عز من قائل:{ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [النحل:43، الأنبياء:7]. وأهل الذكر فهم آل محمد عليهم السلام، وفي ذلك ما يقول عز من قائل لنبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فيما نزل من الفرقان إليه:{ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [الشورى:23]. فافترض مودتهم على الخلق فرضا، وأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأن يأمر الناس بذلك أمرا، فهذا في الكتاب المبين، وفيه كفاية لجميع المسلمين، غير أنا سنذكر أيضا بعض ما ذكر الرسول، مما لا تنكره العقول، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الخوض)).
وأما في الإجماع فأجمعت الأمة كلها على نبيها صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الحق ما أجمعت عليه الأمة، والباطل ما اختلفت فيه))، ووجدنا الناس كلهم مجمعين على إمامة أمير المؤمنين ونسله في أصل الإجماع، وأصل الإجماع أن الناس أجمعوا كلهم على جواز الإمامة في آل الرسول واختلفوا في غيرهم، فالحق ما أجمعوا عليه من جواز الإمامة في آل نبيهم، والباطل ما اختلفوا فيه من إمامة غيرهم، لأن الأمة خمس فرق، وهم: الشيعة، والمعتزلة، والخوراج، والمرجئة، والعامة.
Page 160