فإن قال: فلم ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: لأنه لم يخرج من الحكمة، إذ جعله نذيرا لجميع الباقين، وحجة إلى يوم حشر العالمين.
فإن قال: ولم جاز أن يكون الميت حجة على الأحياء المتعبدين؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: لأنه أتى بالتعبد والآيات والقرآن الحكيم، والأئمة الهادون مترجمون عنه، والعقول شاهدة على ذلك على المخلوقين، وكل ذلك فلم يعدم بعدمه صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن قال: فهل للإمامة (1) أصل في المعقول؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: نعم أصل الإمامة في المعقول، لأن الحكيم قد علم بأن لا بد من الاختلاف بين المخلوقين، فجعل في كل زمان إماما (2) حيا مترجما لغوامض الأمور، مبينا للخيرات من الشرور، ولا يعدم ذلك في كل قرن من القرون، إما ظاهرا جليا، أو مغمورا خفيا.
فإن قال: وما الظاهر الجلي، وما المغمور الخفي؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أما الظاهر الجلي فالسابق المنذر لجميع الخلائق، والشاهر لسيفه، المصلح لله في عباده وبلاده، وأما المغمور فالمقتصد المحتج لله على جميع العباد، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر (3) الفساد، بغير قيام ولا جهاد.
فإن قال: فهل الإمامة في أهل بيت دون غيرهم، أم هي في جميع الناس كلهم؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: بل هي في أهل بيت معروفين، مخصوصين بالفضل مشهورين، معلومين غير مجهولين.
فإن قال: ومن أولئك؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أولئك نسل البتول، وأقرب قرابة الرسول.
فإن قال: فهل لهذه الخصصة أصل في العقول (4)؟
Page 158