قيل له: أتعني بقولك: لا نهاية له، كل ما هو الآن موجود، أو كل ما هو الآن معدوم، أو ما بعضه معدوم وبعضه موجود، فلا يجد مخرجا إلا أن يقول: لم أعن شيئا، فيبطل جميع الأشياء، أو يقول: عنيت بالعدم بعض المعدوم، فينقض قوله، لأنه إذا أوجب العدم على قسم ثم قال: عنيت بعضه، فقد نقض قوله، (لأنه لا فضل لبعض المعدوم على بعض، إذ كله معدوم، وكذلك إن عنى بالوجود بعض الموجود فقد نقض قوله) (1)، لأن الوجود وجود كله، والعدم عدم كله، وأين ما ذهب لم يجد مذهبا، أو في جميع (2) ما يذهب إليه نهاية للأشياء.
(ودليل آخر
أن هذه الأرباب المخلوقة التي زعمت محدثة، وإذا كانت محدثة فيستحيل قولك خلقت أمثالها، لأن المخلوق لا يقدر على خلق مثله، ويستحيل أن تكون الأجسام من فعل)(3).
- - -
باب الدلالة على نفي الصفات عن الله فاطر السماوات
قال المهدي لدين الله الحسين بن القاسم صلوات الله عليه (4):
إن سأل سائل فقال: هل لله صفات؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: مسألتك تحتمل وجهين:
إما أن تكون أردت أن له صفات غيره، بها علم وقدر.
وإما أن تكون أردت أن له صفات هي هو.
فإن قلت: إن معه صفات غيره بها قدر وعلم، فهذا محال أن يكون في القدم غيره، أو يكون أيضا محتاجا إلى غيره.
ودليل آخر
لو كان له صفات غيره لم تخل تلك الصفات من أحد وجهين:
إما أن تكون متعلقة به.
وإما أن تكون مباينة له منفصلة عنه.
فإن قلت: إنها متعلقة به جعلته محلا وموضعا، والمحل لا يكون إلا مكانا، والمكان لا يكون إلا جسما.
Page 153