ودليل آخر إذا كان الخالق بزعمك مخلوقا، وقبله خالق قديم (1) وخالق إلى ما لا نهاية له، فقد جعلته آخر الخالقين المخلوقين، وفي هذا تناقض أن يكون المحدث قديما والخالق مخلوقا، وإذا كان لهم آخر فهم أول، ويستحيل آخر بلا أول.
ودليل آخر
لم يقع كلامك لا على مخلوقات (2)، ولا بد للمخلوقات من خالق قديم.
ودليل آخر
إما أن تكون عنيت بقولك: لا نهاية تريد الكل من المحدثات أو البعض، أو لم تعن (3) كلا ولا بعضا، وفي هذا ما كفى.
ودليل آخر
إذا كان هذا الخالق المخلوق آخر المخلوقات، لم يخل من قبله من الخالقين المخلوقين من أن يكون الآن كلهم موجودين، أو كلهم معدومين، أو بعضهم موجودا أو بعضهم معدوما.
فإن قلت: إن الكل موجود، فللكل نهاية وغاية، إذ لم يبق منهم شيء حتى هو الآن موجود، لم يعدم منهم شيء، وإذا صح وجود الكل، وصح حدث الكل، صح المحدث الخالق الأول القديم، وهو الله (4) الرحمن الرحيم، الواحد الحكيم، العليم.
وإن قلت: إن الكل معدوم الآن فللكل نهاية، لأن ما صح حدثه كله، وصح عدمه كله بعد وجوده وحدوثه، صح محدثه بعد العدم ومفنيه، وهو الله خالقه وباريه (5).
وإن قلت: إن البعض موجود والبعض معدوم. جعلتها مقسمة قسمين:
قسم هو الآن موجود كله مخلوق.
وقسم كله قد عدم بعد حدوثه، ومضى بعد إيجاد موجوده ومحدثه، وكلا القسمين لم يخل من الحدوث، والله محدثهما وخالقهما (6)، ومفني ما فني بمشيئته، ومبقي ما بقي (7) برحمته.
وإن قال: إن قبل كل شيء شيئا.
Page 152