قيل له ولا قوة إلا بالله: أما الحكمة التي فيه فالصنع الذي لا يكون إلا من صانع حكيم. وأما النعمة فالرزق المبسوط الذي (1) لا يصح إلا من رازق كريم، وذلك أنا نظرنا الإنسان فإذا هو نطفة من ماء مهين، ميت قليل حقير، غير سميع ولا بصير، ثم وجدناه بعد ذلك إنسانا حيا حكيما مدبرا سميعا بصيرا موصلا مفصلا، قد جعل كل معنى منه لمعنى، ولا يجعل المعنى للمعنى (2) إلا عالم بما صنع وبنى، فأول ما نظرنا منه تكثيره بعد قلته، وقوته بعد ضعفه، وحياته بعد موته، وعلمه بعد جهله، فعلمنا بيقين أن هذه نعم محكمة لا تكون إلا من حكيم عليم، وتدبير لا يكون إلا من مدبر قديم، ورحمة لا تكون إلا من رحيم.
Page 139