وإذا ثبت في المعقول أن سكون هذا الجسم لا يكون إلا شيئا بعد شيء، ولا يسكن كثيرا إلا بعد سكونه يسيرا، صح ما قلنا به من مبتدأ السكون، وصح بصحته مبتدأ حدوث الجسم، إذ لم ينفك من هذا الحادث ولم يسبقه.
فإن قال: وما أنكرت من أن يكون تحرك قبل ذلك السكون بحركة لا نهاية لها؟!
قيل ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك، لأنه إذا تحرك قبل السكون، فسبيل الحركة سبيل السكون في الحدث.
ودليل آخر
إذا كان للحركة (1) آخر ومنقطع، فلها أول ومبتدع، وذلك أن آخر الحركة التي قطعها السكون أقل القليل، وقد كان قبلها (2) بزعمك أكثر الكثير، فخبرني عن هذا الكثير، أعدم كله أم بعضه، أم لم يعدم منه كل ولا بعض؟!
فإن قلت: لم يعدم أحلت.
وإن قلت: بل عدم بعضه أحلت، لأن الحركة لا يوجد منها شيء بعد السكون.
وإن قلت: بل عدم الكثير كله، ففي قولك: عدم الكل ما كفى، وللكل أبعاض لم يوجد أحد منها إلا بعد وجود أول، ولا يوجد (3) كثير منها إلا بعد وجود قليل.
ودليل آخر
إذا قلت: إن قبل كل حركة سكونا وقبل كل (4) سكونه حركة إلى ما لا نهاية له، سألناك هل تعني بقولك: لا نهاية له، كل ما مضى وعدم منهما، أم تريد بعض ذلك، أم لا تريد أيهما؟! فلا تجد مخرجا مما ذكرنا.
Page 137