Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genres
قيل له ولا قوة إلا بالله: قد قال غيرنا بذلك ولم يصح. فأما قولنا فإن الهواء أول ما خلق الله سبحانه ، وسنبين فساد قولهم إن شاء الله وبطلانه، وذلك أنهم زعموا أن الله حكيم، والحكيم بزعمهم لا يخلق خلقا إلا لينتفع به، فزعموا أن الواجب على الحكيم أن يخلق عاقلا، وأن لا يخلق غيره من المنافع أولا.
فأما قولهم: إن الله حكيم فكذلك (1) نقول، وبذلك شهدت حكم العقول.
فأما قولهم: إن الواجب على الحكيم أن يخلق العاقل المنتفع، قبل أن يخلق له المنافع، فهذا والحمد لله غير واجب على الحكيم، وقد خلق الله السماوات العلا، وغيرهن من الأرضين السفلى، قبل أن يخلق أحدا من العقلاء، فلم يدخل على حكمته في ذلك تهجين، ولم يجر عليه فيما أبرم ضعف ولا توهيم، وما في تقديم المنافع قبل المنتفع من سقوط الحكمة؟!! وأي حكمة عند من عقل أحكم من تقديم النعمة؟!!
ألا ترى إلى ما قدم الله سبحانه للأطفال قبل خلقهم، من المراضع التي جعلها لهم وصورها في صدور أمهاتهم، أولا ترى ما في هذا من حكمة التدبير!! وبيان الصنع والنعمة والتقدير!! وفي بعض قولهم والحمد لله عندنا من الدلائل ما يكثر ويطيب، ويصح لكل عاقل لبيب، غير أنا نميل إلى اختصار الكلام، ولو رمنا شرح جميع الدلائل في صنع ذي الجلال والإكرام، لطال ذلك على أكثر الأنام (2)، ولعسر تناوله على جميع أهل الإسلام، ولكنا نلقي إن شاء الله تعالى من ذلك ما فيه كفاية، لمن كان له بنفسه عناية. فرحم الله عبدا نظر لنفسه، واجتهد في طلب الدليل على ربه، وأخذ في عمارة قلبه.
Page 214