Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genres
باب التوحيد ونفي التشبيه
قال المهدي لدين الله الحسين بن القاسم بن علي عليهما السلام: فإن رجع إلى قول أصحاب الاثنين فقال: وما أنكرتم من كون خالقين قديمين بالصفات التي وصفتم بها الواحد القديم، وهو الله الرحمن الرحيم؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لتضاد الاثنين!!
فإن قال: وما أنكرت من اتفاقهما؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: لو اتفقا لم تعدوا صفاتهما (1) في العلم والجهل والقدرة والعجز، فإن كان كل واحد منهما يقدر على إخفاء فعله وخلقه في سماواته وأرضه عن صاحبه، خرجا جميعا من العلم وصارا جميعا إلى الجهل، إذ كان كل واحد منهما جاهلا بما يخفي عنه صاحبه من الفعل، وإن كانا لا يقدران على إخفاء كل واحد فعلا يفعله، خرجا من صفات القدرة إلى العجز، إذ كان كل منهما لا يقدر أن يخفى فعله عن الآخر، وإذا كانا عاجزين جاهلين صح أنهما مخلوقان (2)، وإذا كان أحدهما يقدر على إخفاء فعله والآخر لا يقدر، ثبتت الربوبية للعالم القادر، والمربوب هو العاجز الجاهل بعجزه عن قدرة خالقه، إذ لا بد للعاجز من معجز أعجزه ومنعه.
ودليل آخر
أنهما إذا كانا اثنين لم يخلوا من ثلاثة أوجه:
إما أن يكونا حكيمين.
وإما أن يكونا سفيهين.
وإما يكون أحدهما سفيها والآخر حكيما.
فإن كانا حكيم (وجب عليهما أن يبينا أنفسهما، ولا يخملا حكمتهما)(3) وإن كان سفيهين فهما غير قديمين، لأن السفه والعبث إنما تولد من الهوى، والقديم لا يعبث ولا يهوى، لأن الهوى بنية ضرورية جعلت للبلوى، وإن كان أحدهما حكيما والآخر سفيها، فالربوبية للحكيم الذي بين حكمته، والسفيه مربوب مخلوق عاجز، والله أعجزه وابتلاه، وركبه على الشهوات وبناه.
- - -
Page 183