Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
في قوله: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) أي من كل ما ضاق على الناس. قال الوالي عن ابن عباس في قوله: (أن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا) أي مخرجًا. قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان كذلك، غير أن مجاهدًا قال مخرجًا في الدنيا والآخرة. وروى عن الضحاك عن ابن عباس قال نصرًا. قال وفي آخر قول ابن عباس والسدي: نجاة. وعن عروة بن الزبير: يجعل لكم فرقانًا. أي فصلًا بين الحق والباطل يظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم، وذكر البغوي عن مقاتل بن حيان قال مخرجًا في الدنيا من الشبهات، لكن قد يكون هذا تفسيرًا لمراد مقاتل بن حيان كما ذكر أبو الفرج بن الجوزي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وابن قتيبة أنهم قالوا: هو المخرج. ثم قال والمعنى يجعل لكم مخرجًا في الدنيا من الضلال وليس مرادهم، وإنما مرادهم المخرج المذكور في قوله: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) والفرقان المذكور في قوله: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان) وقد ذكر عن ابن زيد أنه قال هدى في قلوبهم يعرفون به الحق من الباطل، ونوعا الفرقان فرقان الهدى والبيان وهو النصر والنجاة هو نوعا الظهور في قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) يظهره بالبيان والحجة والبرهان، ويظهر باليد والعز والسنان. وكذلك السلطان في قوله: (واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا) فهذا النوع وهو الحجة والعلم كما في قوله: (أم أنزلنا عليهم سلطانًا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون) وقوله: (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر) وقوله: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) وقد فسر السلطان بسلطان القدرة واليد، وفسر
9