Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
وقوله: (وهو الأول والآخر والظاهر والباطن) ونحو ذلك. وهنا ذكر أنه نزل الكتاب فانه نزله متفرقا، وأنه أنزل التوراة والإنجيل، وذكر أنه أنزل الفرقان، وقد أنزل سبحانه وتعالى الإيمان في القلوب وأنزل الميزان، والإيمان والميزان مما يحصل به الفرقان أيضاً كما يحصل بالقرآن، وإذا أنزل القرآن حصل به الإيمان والفرقان ونظير هذا قوله: (ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا) قيل الفرقان هو التوراة، وقيل هو الحكم بنصره على فرعون كما في قوله (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان).
وكذلك قوله: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) قيل: النور هو محمد عليه الصلاة والسلام وقيل: هو الإسلام وقوله: (قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) قيل: البرهان هو محمد. وقيل: هو الحجة والدليل. وقيل: القرآن والحجة والدليل يتناول الآيات التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه هناك جاء بلفظ أتينا وجاءكم وهنا قال: وأنزل الفرقان جاء بلفظ الإنزال، فلهذا شاع بينهم أن القرآن والفرقان يحصل بالعلم والبيان كما حصل بالقرآن، ويحصل بالنظر والتمييز بين أهل الحق والباطل بأن ينجى هؤلاء وينصرهم، ويعذب هؤلاء، فيكون قد فرق بين الطائفتين كما يفرق المفرق بين أولياء الله وأعدائه بالإحسان إلى هؤلاء وعقوبة هؤلاء، وهذا كقوله في القرآن في قوله: (وإن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير) قال الوالي عن ابن عباس يوم الفرقان: يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل. قال ابن أبي حاتم: وروى عن مجاهد ومقسم وعبد الله بن عبد الله والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك. وبذلك فسر أكثرهم: أن تقوا الله يجعل لكم فرقانا. كما
8