Majmūʿat al-Rasāʾil al-Kubrā li-Ibn Taymiyya
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
فلما طال الزمان خفى على كثير من الناس ما كان ظاهراً لهم، ودق على كثير من الناس ما كان جلياً لهم، فكثر من المتأخرين مخالفة الكتاب والسنة مالم يكن مثل هذا في السلف.
وإن كانوا مع هذا مجتهدين معذورين، يغفر الله لهم خطاياهم ويثيبهم على اجتهادهم.
وقد يكون لهم من الحسنات ما يكون للعامل منهم أجر خمسين رجلاً يعملها في ذلك الزمان لأنهم كانوا يجدون من يعينهم على ذلك، وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا من يعينهم على ذلك لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة، لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة، ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة، فإن الذي سبق إليه الصحابة من الإيمان والجهاد ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول وتصديقه وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه، في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)).
وقد استفاضت النصوص الصحيحة عنه أنه قال: ((خير القرون قرني الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)).
جملة القرن الأول أفضل من القرن الثاني، والثاني أفضل من الثالث، والثالث
(٤ - مجموعة الرسائل)
49