48

Majmūʿat al-Rasāʾil al-Kubrā li-Ibn Taymiyya

مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به.

﴿فصل﴾ وكل من خالف ما جاء به الرسول لم يكن عنده علم بذلك ولا عدل، بل لا يكون عنده إلا جهل وظلم وظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى، وذلك لأن ما أخبر به الرسول فهو حق باطناً وظاهراً فلا يمكن أن يتصور أن يكون الحق في نقيضه، وحينئذ فمن اعتقد نقيضه كان اعتقاده باطلاً، والاعتقاد الباطل لا يكون علماً وما أمر به الرسول فهو عدل لا ظلم فيه، فمن نهى عنه فهو نهي عن العدل ومن أمر بضده فقد أمر بالظلم فإن ضد العدل الظلم، فلا يكون ما يخالفه إلا جهلاً وظلماً وظناً وما تهوى الأنفس، وهو لا يخرج عن قسمين أحسنهما: أن يكون كان شرعاً لبعض الأنبياء ثم نسخ، وأدناهما: أن يكون ما شرع قط بل يكون من المبدل، فكل ما خالف حكم الله ورسوله فإما شرع منسوخ، وإما شرع مبدل ما شرعه الله بل شرعه شارع بغير إذن من الله. كما قال: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) لكن هذا وهذا قد يقعان في خفي الأمور ودقيقها باجتهاد من أصحابها، استفرغوا فيه وسعهم في طلب الحق ويكون لهم من الصواب والاتباع ما يغمر ذلك، كما وقع مثل ذلك من بعض الصحابة في مسائل الطلاق والفرائض ونحو ذلك ولم يكن منهم مثل هذا في جلي الأمور وجليلها، لأن بيان هذا من الرسول كان ظاهراً بينهم، فلا يخالفه إلا من يخالف الرسول وهم معتصمون بحبل الله، يحكمون الرسول فيما شجر بينهم، لا يتقدمون بين يدي الله ورسوله فضلاً عن تعمد مخالفة الله ورسوله.

48