16

Majmūʿ fīhi ʿashara ajzāʾ ḥadīthiyya

مجموع فيه عشرة أجزاء حديثية

Editor

نبيل سعد الدين جرار

Publisher

مكتبة البشائر الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

Publisher Location

لبنان / بيروت [ضمن سلسلة مجاميع الأجزاء الحديثية (٢)]

Genres

٢٩ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لا يَأْذَنُ لِسَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلامًا عِنْدَهُ صنعًا ويستأذنه ويدخله الْمَدِينَةَ، وَيَقُولُ: إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ، إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِئَةَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ. قَالَ: فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ / يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَاذَا تُحْسِنُ مِنَ الْعَمَلِ، فَذَكَرَ لَهُ الأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي كُنْهِ مَا تَعْمَلُ، فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ، فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ، ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ: لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ! فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ سَاخِطًا إِلَى عُمَرَ عَابِسًا وَمَعَ عُمَرَ رَهْطٌ، فَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَا.
⦗٤١⦘ فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الرَّهْطِ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ: أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا. فَلَبِثَ لَيَالِيَ، ثُمَّ اشْتَمَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، فَكَمَنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي غَلَسِ السَّحَرِ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَالِكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ لِلصَّلاةِ صَلاةِ الْفَجْرِ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَرُ وَثَبَ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ ثَلاثَ طَعَنَاتٍ إِحْدَاهُنَّ أَسْفَلَ تَحْتَ السُّرَّةِ قَدْ خَرَقَتِ السِّفَاقَ، وَهِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ، ثُمَّ أَغَارَ أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَطَعَنَ مَنْ يَلِيهِ، حَتَّى طَعَنَ سِوَى عُمَرَ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا، ثُمَّ انْتَحَرَ بِخِنْجَرِهِ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ أَدْرَكَهُ النَّزْفُ وَانْقَصَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ: قُولُوا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، ثُمَّ غَلَبَ عُمَرَ النَّزْفُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاحْتَمَلْتُ عُمَرَ فِي رَهْطٍ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَهُ، ثُمَّ صَلَّى لِلنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ صَوْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ، وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ، فَلَمَّا أَسْفَرَ، أَفَاقَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا، ثُمَّ قَالَ: أصلى الناس؟ قال: قُلْتُ: نَعَمْ، / فَقَالَ: لا إِسْلامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ، فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالُوا: طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ ⦗٤٢⦘ شُعْبَةَ قَالَ: فَدَخَلْتُ، فَإِذَا عُمَرُ يُبْدِينِي النَّظَرَ يَسْتَأْنِي خَبَرَ مَا بَعَثَنِي إِلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: أَرْسَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لأَسْأَلَ مَنْ قَتَلَهُ، فَكَلَّمْتُ النَّاسَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَاتِلِي يُحَاجِّنِي عِنْدَ اللَّهِ بِسَجْدَةٍ سَجَدَهَا للَّهِ قَطُّ، مَا كَانَتِ الْعَرَبُ لِتَقْتُلَنِي.
قَالَ سَالِمٌ: فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: [قَالَ عُمَرُ]: أَرْسِلُوا إِلَى طَبِيبٍ يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا، قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا، فَشَبَه النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ، قَالَ: فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَسَقَاهُ لَبَنًا، فَخَرَجَ اللَّبُن مِنَ الطَّعْنَةِ يَصْلِدُ، أَرَاهُ قَالَ: أَبْيَضَ - أَنَا أَشُكُّ -، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: اعْهَدْ، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ كَذَّبْتُكَ، قَالَ: فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: لا تَبْكُوا عَلَيْنَا، مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟
قَالَ: يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.
فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لا يُقِرُّ أَنْ / يُبْكَى عِنْدَهُ عَلَى هَالِكٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلا غَيْرِهِمْ.

1 / 40