160

[استدلال المؤلف بأنه لا يجوز مجاوزة الميقات لمن أراد الحج

أو العمرة إلا بإحرام]

فأقول وبالله التوفيق إلى أقوم طريق:

الأصل في هذا النزاع أنها صدرت منا الفتوى على مقتضى مادلت عليه الأدلة المعلومة، وجرى عليه عمل السلف والخلف أن الحاج والمعتمر متى وصل إلى أحد المواقيت الشرعية التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن حج أو اعتمر أحرم منه ولايتجاوزه إلا وقد أحرم، وفي هذه المدة اليسيرة الأخيرة لما كان أهل اليمن يتوجهون للحج في وقت متسع خوفا من إغلاق الحدود رأى البعض منهم مع تيسر المواصلات بالسيارات أن يقدم الزيارة ويتجاوز الميقات الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدون إحرام اعتمادا من البعض على قوله في الأزهار: إلى الحرم. ومن البعض على أنه لم يقصد الحج إلا بعد الزيارة، ويقول: إنه لم يقصد بسيره هذا الدخول إلى الحرم أو الحج وأنه لايريد الإحرام الآن. فأفتينا من سألنا عن قولنا في ذلك: إنه لا يجوز لهم مجاوزة الميقات الشرعي الذي وقته لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصلوا إليه أولا مهما كانوا حجاجا أو معتمرين لأنهم في تلك الحال ممن أراد الحج كما هو في بعض الألفاظ النبوية، وهم في حال سيرهم للزيارة قد جاوزوا الميقات الذي شرع لهم الإحرام منه مريدين للحج منه فلم ينقطع سيرهم للحج وإرادتهم له التي هي في الخبر مصرحا بها ممن أراد الحج.. الخ. بقصدهم الزيارة ومهما كانوا في ذلك السفر الذي سافروا للحج فهو يطلق عليهم حجاج قطعا لغة وعرفا وشرعا، ولايخرجهم القصد للزيارة وقد وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الميقات الذي وصلوا إليه لمن حج أو اعتمر، وليس المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لمن حج أو اعتمر..)) من فعلهما قطعا، وإنما هو من أرادهما ماشيا إليهما مزاولا مقدمات أعمالهما كما في قوله تعالى: ((فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)) [النحل:98] و((إذا قمتم إلى الصلاة..)) [المائده:6] أي أردت القراءة وأردتم القيام، فللإرادة مع التوجه للفعل تأثير قطعا

Page 151