The Confluence of Rivers in the Explanation of the Meeting of the Seas
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر
Publisher
المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1328 AH
Publisher Location
تركيا وبيروت
Genres
Hanafi Fiqh
تَقْدِيرَ الْبَيَانِ كَمَا سَبَقَ إلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ وَمَا فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى تَعَدُّدِ الْأَنْوَاعِ يَعْنِي عَلَى تَقْدِيرِ الْأَنْوَاعِ مُضَافًا إلَى الْأَنْجَاسِ فَمَنْ قَالَ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: بَابُ بَيَانِ أَنْوَاعِ الْأَنْجَاسِ فَقَدْ زَادَهُ وَالْأَنْجَاسُ جَمْعٌ نَجَسٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِهَا مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَبِكَسْرِ النُّونِ مَعَ كَسْرِ الْجِيمِ كُلُّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي اللُّغَةِ وَالنَّجَسُ كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ اُسْتُعْمِلَ اسْمًا يُطْلَقُ عَلَى الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الْخَبَثُ وَعَلَى الْحُكْمِيِّ وَهُوَ الْحَدَثُ وَالْمُرَادُ هَا هُنَا الْأَوَّلُ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَتَطْهِيرِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَتَطْهِيرِهَا وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَلِيلَهَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ قَلِيلَهَا مَعْفُوٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَنَا قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ وَمَا دُونَ رُبُعِ الثَّوْبِ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ (يَطْهُرُ بَدَنُ الْمُصَلِّي وَثَوْبُهُ) وَكَذَا مَكَانُهُ يَعْنِي لَمَّا وَجَبَ التَّطْهِيرُ فِي الثَّوْبِ بِعِبَارَةِ النَّصِّ وَجَبَ فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ بِدَلَالَتِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ يَشْمَلُ الْكُلَّ.
وَفِي الْآخَرَيْنِ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُمَا، وَقَدْ يَخْلُو عَنْ الثَّوْبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَا هُنَا الْمَكَانَ؛ لِأَنَّهُ أَنْوَاعٌ وَلِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمٌ خَاصٌّ عَلَى مَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي طَهَارَةِ الْمَكَانِ تَحْتَ قَدَمِ الْمُصَلِّي حَتَّى لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ النَّجَاسَةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقِيَامِ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْقَدَمِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ (مِنْ النَّجَسِ الْحَقِيقِيِّ بِالْمَاءِ) وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَنَجَسٌ نَجَاسَةً خَفِيفَةً لَا يُفِيدُ الطَّهَارَةَ إلَّا أَنَّهُ إنْ أُزِيلَتْ بِهِ نَجَاسَةٌ غَلِيظَةٌ زَالَتْ وَتَبْقَى نَجَاسَةُ الْمَاءِ (وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ) احْتِرَازٌ عَنْ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (مُزِيلٍ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَنْعَصِرَ إذَا عُصِرَ (كَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ لَا الدُّهْنِ)؛ لِأَنَّهُ بِدُسُومَتِهِ لَا تُزِيلُ غَيْرَهُ، وَكَذَا اللَّبَنُ، وَنَحْوُهُ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْمَاءِ)؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ، وَالنَّجَسُ لَا يُفِيدُ الطَّهَارَةَ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ تُرِكَ فِي الْمَاءِ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ وَلَهُمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ الْحَقِيقَةَ تَرْتَفِعُ بِالْمَاءِ اتِّفَاقًا لِقَلْعِهِ النَّجَاسَةَ عَنْ مَحَلِّهَا فَكَذَا يَرْفَعُهَا الْمَائِعُ لِمُشَارَكَتِهِ الْمَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فِي طَهَارَتِهِمَا بِالْمَائِعِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ لَا يَطْهُرُ الْبَدَنُ إلَّا بِالْمَاءِ.
(وَ) يَطْهُرُ (الْخُفُّ إنْ تَنَجَّسَ بِنَجَسٍ لَهُ جِرْمٌ بِالدَّلْكِ الْمُبَالَغِ إنْ جَفَّ) إنَّمَا خُصَّ الْخُفُّ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ إلَّا فِي الْمَنِيِّ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْجُرْمِ لِأَنَّ مَا لَا جُرْمَ لَهُ إذَا أَصَابَ الْخُفَّ لَا بِالدَّلْكِ وَإِنْ جَفَّ إلَّا إذَا الْتَصَقَ بِهِ مِنْ التُّرَابِ فَجَفَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَسَحَهُ يَطْهُرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْجَفَافِ؛ لِأَنَّ مَا لَهُ جِرْمٌ مِنْ النَّجَسِ إذَا أَصَابَ الْخُفَّ، وَلَمْ يَجِفَّ لَا يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالدَّلْكِ؛ لِأَنَّهُ بِالْغَسْلِ يَطْهُرُ اتِّفَاقًا ثُمَّ الْفَاصِلُ بَيْنَ مَا لَهُ جِرْمٌ وَمَا لَا جِرْمَ لَهُ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا يُرَى
1 / 58