ووجه الاستدلال بالآية: أنها حصرت المتقين على أصحاب هذه الصفات والأعمال والمراد: المتقون من الشرك وهم المؤمنون الكاملون.
وقوله ﷿:؟قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ ...؟ الآية، وتمام هذه الآية الشريفة:
؟الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ؟.
أفلح: فعل لازم بمعنى دخل في الفلاح، قال الكرماني: فعلم منها أن الإيمان الذي به الفلاح والنجاة الإيمان الذي فيه الأعمال المذكورة.
قال ابن حجر: وكأن المؤلف أشار إلى مكان عدد الشعب من هاتين الآيتين (١) .
«حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح، عن أبي هريرة» قال: اختلف العلماء في اسم أبي هريرة واسم أبيه على نحو ثلاثين قولًا أصحها عند أكثر العلماء: عبد الرحمن بن صخر.
وسبب الاختلاف في ذلك أنه قتل شخصًا في الجاهلية وهرب، وصار كلما دخل
(١) وللحافظ كلام طيب في الفتح (١/١١٩) عن هاتين الآيتين فقد قال: قوله: «وقول الله تعالى» بالخفض، ووجه الاستدلال بهذه الآية ومناسبتها لحديث الباب، تظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق وغيره، من طريق مجاهد أن أبي ذر سأل النبي ﷺ عن الإيمان، فتلا عليه:؟ لَيْسَ الْبِرَّ ...؟ إلى آخرها، ورجاله ثقات.
وإنما لم يسقه المؤلف لأنه ليس على شرطه، ووجهه: أن الآية حصرت التقوى على أصحاب هذه الصفات، والمراد المتقون من الشرك والأعمال السيئة، فإذا فعلوا وتركوا فهم المؤمنون الكاملون.
والجامع بين الآية والحديث: أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى البر، كما هي داخلة في مسمى الإيمان.
فإن قيل: ليس في المتن ذكر التصديق؟
أجيب: بأنه ثابت في أصل هذا الحديث كما أخرجه مسلم وغيره، والمصنف يكثر الاستدلال بما اشتمل عليه المتن الذي يذكر أصله ولم يسقه تامًا.
قوله:؟قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ؟ ذكره بلا أداة عطف، والحذف جائز، والتقدير: وقول الله:؟قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ؟، وثبت المحذوف في رواية الأصيلي، ويحتمل أن يكون ذكر ذلك تفسيرًا لقوله المتقون، أي: المتقون هم الموصوفون بقوله:؟قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ؟ إلى آخرها.