ومن فضائله: أنه أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية، من العبادلة الأربعة، وهو أكثر الصحابة رواية بعد أبي هريرة، وهو أحد الساردين للصوم فإنه كان في الصحابة جماعة يسردون الصوم أي: يصومون الدهر عبد الله بن عمرو والده عمر بن الخطاب وعائشة وأبو طلحة وحمزة.
ومن فضائله: أنه كان لا ينام إلا قليلًا وروي عنه أنه قال: رأيت في المنام كان ملكين أخذاني وذهبا بي إلى النار، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر فقال لي: لم ترع، فقصصتها على رسول الله ﷺ فقال: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل» (١)، وكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلًا.
ومن فضائله: أنه كان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان أرقاءه قد عرفوا ذلك منه فربما شمر أحدهم ولزم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحالة الحسنة أعتقه، فيقول أصحابه: والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول: من خدعنا بالله انخدعنا.
وكان له عبد يقال له: نافع قال ابن الملقن: أعطى فيه عشرة آلاف دينار فامتنع من بيعه فقيل له: لم تمتنع أتنتظر أكثر من ذلك فقال: بل ما هو خير من ذلك هو حر لوجه الله.
وقيل: إن إعتاقه لنافع كان وهو واقف يصلي، فقد ذكر ابن الجوزي: أن عبد الله بن عمر كان قائمًا يصلي ومولاه نافع قام ناحية فأشار ابن عمر إلى مولاه نافع بيده وهو في الصلاة، فلم يفهم نافع إشارته، فلما سلم من صلاته قال له نافع: يا مولاي رأيتك تشير إلي في صلاتك ولم أفهم إشارتك قال: إني قرأت؟لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ؟ [آل عمران: ٩٢] ولم يكن في بهذه الساعة شيء أحب إليَّ منك فأشرت إليك أنت حر لوجه الله تعالى.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٣٨٨، رقم ١١٠٥) عن ابن عمر ﵄ قال: رأيت على عهد النبي ﷺ كأن بيدي قطعة إستبرق، فكأني لا أريد مكانًا من الجنة إلا طارت إليه، ورأيت كأن اثنين أتياني أرادا أن يذهبا بي إلى النار، فتلقاهما ملك فقال: لم ترع خليا عنه، فقصت حفصة على النبي ﷺ إحدى رؤياي ... فذكره.
وأخرجه أيضًا: ابن حبان في صحيحه (١٥/٥٤٧، رقم ٧٠٧٠)، وإسحاق بن راهوية (١/١٩١، رقم ٧)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٤/١٤٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/٥٠١، رقم ٤٤١٧) .