Majalis Wacziyya
المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري
Investigator
أحمد فتحي عبد الرحمن
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
Ḥadīth
«وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن» هذا هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو فرضي زهري مدني إمام جليل أحد فقهاء المدينة السبعة على قول، وكانت وفاته بالمدينة سنة أربع وتسعين عن اثنين وتسعين سنة في خلافة الوليد.
وهذا الإسناد فيه سقط من أوله، وعند علماء الحديث إذا سقط من أول الإسناد واحد وأكثر يسمى تعليقًا (١)، والقاعدة عند البخاري ﵁ أن التعليق إذا كان صحيحًا عنده يأتي به بصيغة الجزم «قال» مثلما قال هنا «قال ابن شهاب»، وإن كان ضعيفًا يأتي به بصيغة التمريض كقيل وروي، وصرح بذلك علماء الحديث فقالوا: إذا كان الحديث ضعيفًا لا يقال فيه، لأنه من صيغ الجزم بل يقال حكي أو قيل أو يقال بصيغة التمريض، وقد اعتنى البخاري بهذا الفرق في صحيحه فقال تارة بلفظ الجزم وأخرى بلفظ التمريض، وهذا مما يزيدك اعتقادًا في جلالته وتحققه.
فقوله: «قال ابن شهاب وأخبرني» أتى «بقال» ليدل على أنه تعليق صحيح، وبالواو ليعلم أنه مبني على سند متقدم فكأنه قال: «حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو سلمة»، فيكون الأول مما حدث به ابن شهاب عن عروة، والثاني مما حدث به عن أبو سلمة.
قالوا: الواو في «وأخبرني» عاطفة لما رواه شهاب عن أبي سلمة لما رواه أولًا عن عروة قال اخبرني عروة بكذا، وأخبرني أبو سلمة بكذا.
«أن جابر بن عبد الله الانصاري» هذا هو جابر بن عبد الله الخزرجي الأنصاري المدني، وهو من كبار الصحابة، وهو أحد الستة المكثرين الرواية عن رسول الله ﷺ، روى ألف حديث وخمسمائه حديث وأربعون حديثًا اتفقا منها على ثمانية وخمسين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم بمائة وستة وعشرين، شهد مع رسول الله ﷺ
(١) قال ابن حجر في الفتح (١/٨١): وأخطأ من زعم أن هذا معلق وإن كانت صورته صورة التعليق، ولو لم يكن في ذلك إلا ثبوت الواو العاطفة، فإنها دالة على تقدم شيء عطفته، وقد تقدم قوله: عن ابن شهاب عن عروة فساق الحديث إلى آخره ثم قال: قال ابن شهاب -أي: بالسند المذكور- وأخبرني أبو سلمة بخبر آخر وهو كذا، ودل قوله عن فترة الوحي وقوله الملك الذي جاءني بحراء على تأخر نزول سورة المدثر عن اقرأ، ولما خلت رواية يحيى بن أبي كثير الآتية في التفسير عن أبي سلمة عن جابر عن هاتين الجملتين أشكل الأمر، فجزم من جزم بأن «يا أيها المدثر» أول ما نزل، ورواية الزهري هذه الصحيحة ترفع هذا الإشكال.
1 / 230