Majalis Sultan Ghuri
مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري
Genres
أنشأ الجامع والقبة والمكتب والسبيل التي في الغورية، وجامعا عند القلعة، وبنى خان الخليلي، وخانا وأحواضا في طريق الحاج عند العقبة، ورباطا ومارستانا في مكة، وقصرا عند المقياس في الروضة، وأنشأ الميدان عند القلعة، وأحواضا وأبنية فيه.
وعمر قاعة البيسرية وقاعة العواميد والدهيشة في القلعة، وأنشأ قناطر وأبنية أخرى.
فأما الجامع فلا يزال قائما بالغورية، ملتقى شارع الغورية (الذي سمي شارع المعز لدين الله)، وشارع الأزهر، وتحته السوق المعروفة باسم التربيعة.
وننقل هنا ما يروي ابن إياس في إتمام هذا الجامع والصلاة فيه أول مرة: «وفي ربيع الآخر (909) في يوم الجمعة مستهله خطب في جامع السلطان الذي أنشأه في الشرابشيين، وقد تم بناؤه وجاء في غاية الحسن والتزخرف، وصنع به مئذنة لها أربعة رءوس، وهو أول من اتخذ ذلك ... فكان أول من خطب بهذا الجامع قاضي قضاة دمشق الشهاب أحمد بن فرفور الدمشقي الشافعي. فلبس السواد وخطب، وكان المرقي قدامه القاضي عبد القادر القصروي، وحضر في ذلك اليوم الخليفة المستمسك بالله يعقوب والقضاة الأربعة؛ وهم: برهان الدين بن أبي شريف الشافعي، وعبد البر بن الشحنة الحنفي، وبرهان الدين الدميري المالكي، والشهاب الشيشيني الحنبلي. وحضر غالب الأمراء المقدمين، وولد السلطان المقر الناصري، وأعيان المباشرين قاطبة، والجم الغفير من الأمراء العشرات والخاصكية، وأعيان الناس، وزينت الشرابشيين في ذلك اليوم، وكان يوما مشهودا، وأخلع السلطان في ذلك اليوم على قاضي القضاة عبد البر بن الشحنة؛ كونه حكم بصحة الخطبة في هذا الجامع، وأخلع على إينال شاد العمارة خلعة حافلة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، وأخلع في ذلك اليوم على عدة من المهندسين والبنائين والمرخمين والنجارين وغير ذلك من أرباب الصنائع ممن كان بالجامع، وأنعم على الفعلاء لكل واحد بألف درهم.
ثم في الجمعة الثانية رسم السلطان لقاضي القضاة عبد البر بن الشحنة بأن يخطب في هذا الجامع، فخطب تلك الجمعة خطبة بليغة.»
16
باب قبة الغوري في شارع الغورية.
وفي حوادث جمادى الآخرة سنة 911 يقول ابن إياس: «وفيه مالت مئذنة جامع السلطان الذي أنشأه بالشرابشيين، فلما تشققت وآلت إلى السقوط رسم بهدمها، وقد ثقلت من علوها؛ كون أنها بأربعة رءوس، فلما هدمت أعيدت على الصحة، وقد بني علوها بالطوب، وصنعوا عليه قاشاني أزرق.
وتجاه جامع الغوري يرى الآن بناء آخر يساميه ويشابهه فيه قبة الغوري وقاعة كبيرة للدرس، وسبيل وكتاب وحجرات قليلة، وتحت هذه الأبنية مخازن، ووراءها فناء به قبور بجانب الجدار القبلي، ويؤخذ من ابن إياس أن بعض زوجات السلطان وأولاده والسلطان طومان باي الأخير دفنوا هناك.»
وفي ابن إياس أخبار كثيرة عن أبنية الغوري، ومما قاله عن المدرسة: «ووقع للغوري أشياء غريبة لم تقع لغيره من الملوك؛ منها أنه نقل الآثار الشريف النبوي من مكانه الذي كان به المطل على بحر النيل فجعله في مدرسته حتى عد ذلك من النوادر.
Unknown page