Majalis Sultan Ghuri
مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري
Genres
وكان مولعا بغرس الأشجار، وحب الرياضات، وسماع الأطيار المغردة، ونشق الأزاهر العطرة والبخور.
وكان يستعمل الطاسات الذهب يشرب فيها الماء، وكان يستعمل الأشياء المفرحة، وكان نهما في الأكل، وكان يغوى طيور المسموع.»
7
هذه صفات تدل على رقة الطبع، ودقة الإحساس، والولوع بالجمال، والاستمتاع بالعيش.
ومن كانت هذه صفاته يبعد أن يكون ظالما جبارا سفاكا للدماء، قاسيا على الضعفاء.
ونحن نجد في تاريخ الغوري ما يصدق هذه الخلال، فأما كلفه بغرس الأشجار والأزهار واقتناء الطيور، وما يتصل بهذا من تشييد الأبنية وتجميلها فسيأتي بيانه. (6) حبه الموسيقى والغناء
وأما ولعه بسماع الموسيقى والغناء ومعرفته بهما؛ فقد اتفق على ذلك المؤرخون وشهدت به سيرته، فهو إذا أراد الاستراحة من عناء الملك خرج إلى مقياس الروضة أو قبة الأمير يشبك، التي في حدائق القبة الآن، وأحضر خواصه وبعض المغنين والعازفين، وكثيرا ما كان يستصحب المطربين في أسفاره.
يقول ابن إياس في حوادث ذي الحجة سنة 915: «وفيه كان موكب العيد حافلا، وأوكب السلطان على العادة، فلما انقضى يوم العيد نزل السلطان في اليوم الثاني من العيد، وتوجه إلى قبة الأمير يشبك الدوادار التي بالمطرية، وأقام هناك إلى بعد العصر، ووافق ذلك اليوم عيد النصارى وأول الخماسين، فانشرح هناك، ومد أسمطة حافلة، وحضر عنده جماعة من المغاني وأرباب الآلات، ورسم لبعض الأمراء العشرات بأن يرقص؛ فقام ورقص بين يدي السلطان فرسم له بمائة دينار.»
ويقول في حوادث المحرم سنة 918: «وفي يوم الأحد وهو يوم عاشوراء، نزل السلطان وتوجه إلى نحو المقياس، وجلس في القصر الذي أنشأه هناك، وكان معه جماعة من الأمراء، فأقام هناك إلى قريب المغرب وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية، ومد هناك أسمطة حافلة، وأحضر بين يديه مغاني وأرباب آلات، ثم إن شخصا مضحكا يقال له علي باي، الذي يعمل عفريتا في المحمل، قام فرقص، ثم سحب الوالي كرتباي فرقصه، ثم سحب أمير آخور ثاني آقباي الطويل فرقصه، ثم سحب بركات بن موسى المحتسب فرقصه، ثم سحب عبد العظيم الصيرفي فرقصه، وكان جسيما؛ فضحك عليه السلطان، ونثروا بين يديه أشياء من أنواع الورد والزهر والفاكهة ومجامع الحلوى؛ فتخاطف ذلك المماليك، وابتهج في ذلك اليوم.»
وفي حوادث ذي القعدة سنة 918، يذكر ابن إياس سفر السلطان إلى الفيوم، ويقول في أثنائه: «ولما نزل السلطان من القلعة توجه نحو المقياس وبات به ليلة السبت، فلما طلع النهار عدى من هناك وطلع إلى بر الجيزة وتوجه إلى الوطاق
Unknown page