من رأى صائمًا يأكلُ أو يشربُ أن يُنبِّههُ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٥].
الشَّرطُ الثالثُ: أنْ يكونَ مُخْتارًا، أي مُتَنَاولًا لِلْمُفَطِّر باخْتيَاره وإرادته، فإنْ كانَ مُكرَهًا فصيامُه صحيحٌ ولا قضاءَ عليه لأنَّ الله سبحانَه رَفَعَ الْحُكمَ عَمَّنْ كَفَرَ مُكْرَهًا وقلْبُهُ مُطمَئِنٌّ بالإِيمانِ فقال تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦] فإذا رَفَع اللهُ حكْمَ الكفرِ عمن أُكْرِهَ عليه فمَا دونه أوْلى، ولقولِهِ ﷺ: «إنَّ الله تجاوز عن أمَّتِي الْخَطأ والنسيانَ وما اسْتُكرهوا عليه»، رواه ابنُ ماجة والبيهقيُّ وحسَّنَه النَّوَوِيُّ. فلوْ أكْرَهَ الرجلُ زوجتَه على الوطءِ وهي صائمة فصيامها صحيح ولا قضاء عليها. ولا يحل له إكراهها على الوطءِ وهي صائمةٌ إلاَّ إنْ صامتْ تطوُّعًا بغير إذنه وهو حاضرٌ، ولو طارَ إلى جوفِ الصائم غُبارٌ أو دخل فيه شيءٌ بغير اختياره أو تمَضْمَضَ أوْ استَنْشَقَ فنزل إلى جوفِه شيء من الماءِ بغيرِ اختيارِهِ فصيامهُ صحيحٌ ولا قضاءَ عليه.
ولا يُفْطِرُ الصائمُ بِالْكُحْلِ والدواءِ في عينِه ولو وجد طعْمَه في حلْقِه لأنَّ ذلك ليس بأكْلٍ ولا شُربٍ ولا بمعناهُما، ولا يُفْطِر بِتَقْطير دواءٍ في أذُنِه أيْضًا، ولا بوضع دواءٍ في جرحٍ ولو وجد طعم الدواء في حَلْقِه لأنَّ ذلك ليس أكْلًا ولا شُربًا ولا بمعنى الأكْلِ والشُّرب.