============================================================
14 المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم من المساحة والزمان والمكان فقد لحق بقول الدهرية وفارق الإشلام. والاستواء في اللغة يقع على الانتهاء، قال الله تعالى: ولما بلغ أشده وأستوى مانينله حكما وعلما} [القصص /14]؛ أي فلما انتهى إلى القوة والخير. وقال تعالى: ( ثم استوى إلى السماء وهى دخان) [فصلت /11]؛ أي أن خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد آن رتب الأوض على ما هي عليه، وبالله تعالى التوفيق. وهذاهو الحق وبه نقول لصحة البرهان به وبطلان ما عداة"(1).
تأويل قول الله تعالى: ( وهوالقاهر فوق عبادهه } . وقوله تعالى: { يخافون رتهم ين فوقهر} [النحل/50]: قال الإمام أبو عبد الله القرطبي (ت/ 671ه): "اومعنى: فوق عباده،}، فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان، كما تقول: السلطان فوق رعيته آي بالمنزلة والرفعة. وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ المراد"(2).
وقال أيضا: "ومعنى: يخافون رتهم من فوقهر}؛ أي عقاب ربهم وعذابه، لأن العذاب المهلك إنما ينزل من السماء. وقيل: المعنى يخافون قدرة ربهم التي هي فوق قدرتهم، ففي الكلام حذف"(3).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت/852ه): "ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو، لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي ولم يرد ضد ذلك وإن كان قد أحاط بكل شيء علما جل وعز"(4).
(1) ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل (89/2).
(2) القرطبي، الجامع للأحكام القرآن (2/ 399) .
(3) المصدر السابق، (113/10).
(4) العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري (6/ 136) .
Page 144