============================================================
المطلب الأول / تعريف الآيات المحكمات والمتشابهات ومسالك العلماء فيها والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق، إلى غير ذلك من المتشابه.
ولو كان (الراسخون في العلم) لا يعلمون كما أن الجهال لا يعلمون، سؤؤا العالم بالجاهل، وهل من يعلم كمن لا يعلم؟! وقد فرق الحق بينهما، فقال: قل هل يستوى ألزين يعلمون وألزين لا يعلمون} [الزمر[9]، والمعنى لا يستوون"(1).
وهنا، لا بد من الإشارة إلى شيء مهم للغاية يتعلق بالتأويل تم التلميح له عند الحديث الثاني (ص/124)، وهو أن أصحاب المسلك الثاني المعترضين على التأويل عندما يريدون حمل معاني الألفاظ على ظاهرها نجدهم ينتزعون اللفظ من السياق الذي ورد فيه، فيريدون أن يفسروا معنى (اليد) وحدها أو (العين) أو (الوجه) أو (الساق) وما شابه مما سمؤه بآيات الصفات، مع أنها قد وردت هذه الألفاظ في اكثر من سياق لا علاقة له في إثبات الصفات التجسيمية؛ ولو أنصفوا لعرفوا أن المعنى لا يكمل إلا من خلال السياق كاملا..
والذين سلكوا مسلك التأويل فسروا تلك الألفاظ بما يناسب السياق الذي أدرجت فيه، وصرفوا اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر مقصود موافقا للغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم؛ وتأويلهم هذا هو ما يتوافق مع (المجاز) في لغة العرب، فالمجاز هو: (اللفظ المستعمل في غير ما وضع له (2)، ولا يتحقق إلا عند نقل اللفظ من شيء إلى شيء لعلاقة بينهما)(2)، والتأويل كما مر هو: (هو صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله)(4)، فيتبين من هذا أن المجاز هو التأويل، ولا سبيل إلى اعتبار ما نسب إلى الله في القرآن العظيم عن طريق المجاز بأنها صفات حقيقية لأن القرآن العظيم يشتمل الحقيقة والمجاز.: (1) انظر الكتاب (ص/ 771).
(2) القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق (3/3).
(3) الرازي، المخضول (340/1).
(4) النووي، تهذيب الأسماء واللغات (15/3).
Page 123