وقال لبيد يصف كتيبة النعمان:
كأركان سلمى إذ بدت أو كأنها
هضاب أجأ إذ لاح فيه مواسل
6
ومما يروى من الأساطير، أن رجلا من العماليق يقال له أجأ، هوى امرأة من قومه يقال لها سلمى، وكان لها حاضنة اسمها العوجاء، فأتمر إخوة سلمى بهما، وهم الغميم والمضل وفدك وفائد والحدثان، وانحاز إليهم زوج سلمى، فهربت سلمى وأجأ والعوجاء، فأدركوا سلمى فقتلوها على الجبل الذي سمي باسمها، وأدركوا أجأ فقتلوه على الجبل الذي سمي أجأ، وأدركوا العوجاء فقتلوها على هضبة بين الجبلين، فسميت العوجاء، أنف هؤلاء القوم أن يرجعوا إلى قومهم، فتفرقوا في البلاد وسار كل واحد إلى مكان سمي باسمه؛ فهذه الأسماء: الغميم والمضل ... إلخ أسماء هؤلاء الرجال.
7
ومن الأساطير التي تدل على شهرة جبلي طيئ بالخصب بين العرب أن طيئا - أبا القبيلة - نزح من اليمن بعد سيل العرم مع عمومته، ثم فارقهم وسار إلى الحجاز وأوغل فيه، وكان له بعير يشرد في كل سنة عن إبله ويغيب ثلاثة أشهر، ثم يعود إليه وقد عبل وسمن، وآثار الخضرة بادية في شدقيه، فقال لابنه عمرو: تفقد يا بني هذا البعير، فإذا شرد فاتبع أثره حتى تنظر إلى أين ينتهي.
فلما كانت أيام الربيع وشرد البعير، تبعه على ناقة له، فلم يزل يقفو أثره حتى صار إلى جبل طيئ فأقام هناك.
ونظر عمرو إلى بلاد واسعة، كثيرة المياه والشجر والنخيل والريف، فرجع إلى أبيه وأخبره بذلك، فسار طيئ بإبله وولده حتى نزل الجبلين، فرآهما أرضا لها شأن.
ورأى فيها شيخا عظيما مديد القامة على خلق العاديين، يقال له أجأ، ومعه امرأة على خلقه يقال لها سلمى وهي امرأته، وقد اقتسما الجبلين بينهما نصفين، فأجأ في أحد النصفين وسلمى في الآخر، فسألهما طيئ عن أمرهما، فقال الشيخ: نحن من بقايا صحار، غنينا بهذين الجبلين عصرا بعد عصر، أفنانا كر الليل والنهار. فقال له طيئ: هل لك في مشاركتي إياك في هذا المكان، فأكون لك مؤانسا وخلا؟
Unknown page