87

Maghanim

المغانم المطابة في معالم طابة

Publisher

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Genres

نُوابُه (^١) في هذه الدُّنْيَا، وكان انتِهَاءُ دَوْرَةِ الزَّمَانِ المحمَّدِيِّ بِالاسْمِ البَاطِنِ ابتداءَ دَوْرَةٍ أُخْرَى بالاسمِ الظَّاهِرِ، فأظْهَرَ مُحَمدًا ﷺ جسمًا وروحًا بالاسم الظاهر، ونسَخَ مِنْ شَرْعِهِ المتقَدِّمِ ما أرادَ الله تعالى أن يَنْسَخَ منه، وَأَبْقَى ما أراد الله ﷿ أنْ يُبْقِيَ منه، وذلك من الأحْكَامِ خَاصةً لا من الأصُولِ (^٢). ولما كانَ ظهوره بالمِيزانِ، وهو العَدْلُ في الكوْنِ، وهو مُعْتَدِلٌ؛ لأن طبعه الحرَارَةُ والرُّطُوبةُ، كان من حكمِ الآخِرَةِ، فإنَّ حركة المِيزانِ متصلةٌ بالآخرة إلى دُخول الجنَّةِ، فلهذا كان العلم في هذه الأُمَّةِ أكثرَ مِمَّا كان في الأوَائِلِ، فأعطى الله تعالى محمدًا ﷺ علم الأولينَ والآخرينَ (^٣)، لأن حقيقةَ الميزان تُعطي ذلك، وكان الكَشْفُ في هذه الأُمَّةِ أسرعَ مِما كان في غيرها؛ لغلبة البَرْدِ والْيُبْسِ على سائر الأمَمِ قبلنا، وإن كانوا أذكِيَاءَ عُلَمَاءَ، فأجاد منهم مُعيَّنونَ، بِخِلافِ ما النَّاس عليه اليومَ. ألا ترى هذه الأُمَّةَ قَدْ ترجَمَتْ جميعَ عُلومِ الأُمَمِ (^٤)، ولو لم يكنِ

(^١) ولكن هذا الكلام لا يفهم من قول الله تعالى: ﴿ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾. قال القرطبي: ومعنى الآية أنه جعل التوراة لأهلها، والإنجيل لأهله، والقرآن لأهله. وهذا في الشرائع والعبادات والأصل التوحيد لا اختلاف فيه. الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٢١١. (^٢) يقرر العلماء بأن النسخ لايدخل إلا في الأحكام التفصيلية لاختلاف الأزمنة، واختلاف مايصلح الناس ويتلاءم معهم في كل زمان ومكان. أما الإيمان بالله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وبالجنة والنار وبالحساب والعقاب، فهذه أجمعت كل الرسالات السماوية عليها من لدن آدم إلى آخرهم سيدنا محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين الذي كانت رسالته آخر الرسالات وانتهى النسخ بانتقاله إلى الرفيق الأعلى. انظر: إحكام الفصول للباجي ص ٣٩٤ ومابعدها. (^٣) لعله يشير إلى حديث حذيفة بن اليمان ﵁ الذي أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ١٨/ ١٥ بشرح النووي وقد أخبرهم ﷺ فيه بما هو كائن إلى يوم القيامة. (^٤) كان أول من أمر بترجمة الكتب إلى العربية الخليفة العباسي المأمون، المتوفىَّ سنة ٢١٨ هـ. سير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٧٢.

1 / 88