168

Maghanim

المغانم المطابة في معالم طابة

Publisher

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Genres

والاطِّلاعُ بغتة، كما قال الشاعر (^١): وما هو إلا أن أراها فُجَاءَةً … فأسقطَ حتى ما أكاد أجيبُ فأرجعَ عن رَأْيِ الذي كان أولًا … وأذكرَ ما أعدَدْت حينَ تغيبُ وكثير من المحبين اضطربوا عند سماع اسم المحبوب، وتَغيَّروا وبُهِتوا، وارتاعوا وتَحيَّروا، وقد رُوِّينا عن جماعة من الصحابة والتابعين ﵃ أنهم إذا ذكر/٤٩ رسول الله ﷺ اختطف لونهم، وارتعدت فرائصهم، وتغيرت أحوالهم (^٢). وفي نحو ذلك يقول القائل: وداع دعا إذ نحن بالخَيْفِ من منى … فهيَّجَ أشجان الفؤاد وما يَدْرِي دعا باسم ليلى غَيْرَها فكأنَّما … أطار بِلُبِّي طائرًا كان في صَدْرِي (^٣) إذا دخل المدينة، فالأدب أن يبدأ بالزيارة والصلاةِ (^٤) في المسجد قبل التعريج على أمرٍ من الأمور، أو شيءٍ هو إلى علاجه ومباشرته غيرُ مضطر ولا مضرور، وكلما مَرَّ في عمرانه، ونَظَرُه (^٥) إلى أبنيته وجدرانه يستحضر بها تلك الربوع والجدران، وسط تلك الأماكن الكريمات، والمعالم العاليات، والبَنِيَّات السَنِيَّات، ويستحضر أنها ديارُ تلك الأخيار، وآثارُ تلك الأبرار، وأن الله ﷿ بفضله العميم، قد مَنَّ عليه بوصوله إليه، فَيُفِيضُ فرحًا شوائق العَبرات، ويزيد طربًا إذا نظر إلى تلك الغَبرات: أيها المغرمُ المشُوقُ هنيئًا … ما أنالُوكَ من لذيذ التلاق

(^١) الشاعر: جميل بن معْمر، وفي رواية أخرى: فأبهت حتى ما أكاد أراها. (^٢) ممن يروى عنه ذلك أمير المؤمنين عمر، وابنه عبد الله، وأنس بن مالك- ﵃ وغيرهم. انظر: حياة الصحابة للكاندهلوي ٢/ ٢٧٩. (^٣) ديوان قيس ص ٣٣. وفي الأصل: (أطار بليلى) وهو تصحيف. (^٤) الأفضل البدء بالصلاة في المسجد قبل السلام على النبي ﷺ وصاحبيه. (^٥) أي: ومَرَّ نَظَرُه.

1 / 169