============================================================
240مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار الأسرار قال الصادقون المخبرون عن الفطرة: إن التتزيل أبدا يخبر عن الفطرة التي لايجد الإنسان من نفسه إنكارها، وإن الأنبياء -عليهم السلام - أبدا يردون الناس إلى الفطرة ويستدلون عليهم بالفطرة ويفحمونهم بالفطرة. فمن كانت فطرته سليمة على احتيال الشيطان سلم في الحال ولم ينازعه في شيء من المقال، وذلك دليل صدقهم إذ أخبروا عن شيء هو عليه كما هو، ولهذا يخاطبهم بألفاظ الافحام والالزام والتعجيب والتفهيم، كما قال: (فلاتجعلوا لله أذادأ وأنتم تغلمون) وقال: "وكيف تكفرون) في مواضع كثيرة، وقال: (أفي (103آ) اله شك" "أمن جعل الأرض قرارا ) في مواضع كثيرة، وأمثال ذلك لوضوح الأمر في فتسه؛ ولهذا قيل: التوحيد فطرة، والنبوة فطرة، والامامة فطرة، والمبدا فطرة، والمعاد فطرة، و من أنكرها فقد أنكر الفطرة، فترفع عنه الفطرة.
وسر آخر: أن المفسرين قد أكثروا القول في الموتين والحياتين، وقصروا القول فيهما على موت الأبدان وحياتها في الأزمان؛ والموتة الأولى لو حملت على التراب أو على السلالة في أصلاب الآباء أو العدم المطلق لم يكن ذلك بإماتة، ولذلك قال الله تعالى: (وكنتم أمواتا فأخياكم) وقوله: (أمتنا اثنتين) يشعر باماتتين فليس يستمر المعنى في الآيتين على توافق اللفظين، بل الواجب أن يقال هاهنا بدنا ونقسا: والبدن له موت وحياة، والنفس لها موت وحياة، فأما موت الأبدان وحياتها فمعلوم بالفطرة وذلك بمقارنة النفوس ومفارقتها، وأماموت النفوس وحياتها فمعلوم بالفكرة، وهي أن يموت عن العقائد الفاسدة باماتة الله ويحيا بالعقائد الصحيحة بإحياء الله، وإذا يلغت هذه الدرجة صلحت للرجوع إلى اله والمقام في جوار الله. قال المسيح -عليه اللام - : "من لم يمت مرتين ولم يحي مرتين لم يبلغ ملكوت السماء" ولذلك قال أهل النار: (ربنا أمتنا اثنتين وأخييتنا اثنتين فاغترفتا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) وهذا [قول] قوم في البرازخ، والله أعلم.
ليتهنل
Page 306