88

Mafātīḥ al-ghayb

مفاتيح الغيب

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
وَهُوَ الِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى كَوْنِ الشَّيْءِ مَوْصُوفًا بِالصِّفَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ أَسْمَاءَ الْمَاهِيَّاتِ سَابِقَةٌ بِالرُّتْبَةِ عَلَى الْمُشْتَقَّاتِ، لِأَنَّ الْمَاهِيَّاتِ مُفْرَدَاتٌ وَالْمُشْتَقَّاتِ مُرَكَّبَاتٌ وَالْمُفْرَدَ قَبْلَ الْمُرَكَّبِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءُ الصِّفَاتِ سَابِقَةً بِالرُّتْبَةِ عَلَى أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ الْقَائِمَةِ بِأَنْفُسِهَا، لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الذَّوَاتِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِهَا، وَالْمُعَرَّفُ مَعْلُومٌ قَبْلَ الْمُعَرِّفِ وَالسَّبْقُ فِي المعرفة يناسب السبق في الذكر.
أقسام أسماء المسميات:
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فِي أَقْسَامِ الْأَسْمَاءِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْمُسَمَّيَاتِ: اعْلَمْ أَنَّهَا تِسْعَةٌ، فَأَوَّلُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الذَّاتِ، وَثَانِيهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَاتِهِ كَمَا إِذَا قلنا لجدار إِنَّهُ جِسْمٌ وَجَوْهَرٌ، وَثَالِثُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَقَوْلِنَا لِلشَّيْءِ إِنَّهُ أَسْوَدُ وَأَبْيَضُ وَحَارٌّ وَبَارِدٌ فَإِنَّ السواد والبياض والحرارة والبرودة صفات حقيقة قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأَشْيَاءِ الْخَارِجِيَّةِ، وَرَابِعُهَا:
الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إِضَافِيَّةٍ فَقَطْ كَقَوْلِنَا لِلشَّيْءِ إِنَّهُ مَعْلُومٌ وَمَفْهُومٌ وَمَذْكُورٌ وَمَالِكٌ وَمَمْلُوكٌ، وَخَامِسُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ حَالَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَقَوْلِنَا إِنَّهُ أَعْمَى وَفَقِيرٌ وَقَوْلِنَا إِنَّهُ سَلِيمٌ عَنِ الْآفَاتِ خَالٍ/ عن المخافات، وَسَادِسُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ إِضَافِيَّةٍ كَقَوْلِنَا لِلشَّيْءِ إِنَّهُ عَالِمٌ وَقَادِرٌ فَإِنَّ الْعِلْمَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَلَهَا إِضَافَةٌ إِلَى الْمَعْلُومَاتِ وَالْقُدْرَةُ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَلَهَا إِضَافَةٌ إِلَى الْمَقْدُورَاتِ، وَسَابِعُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَالْمَفْهُومِ مِنْ مَجْمُوعِ قَوْلِنَا قَادِرٌ لَا يَعْجَزُ عَنْ شَيْءٍ وَعَالِمٌ لَا يَجْهَلُ شَيْئًا. وَثَامِنُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إِضَافِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ مِثْلُ لَفْظِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ صِفَةٌ إِضَافِيَّةٌ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَسْبِقَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ، وَمِثْلُ الْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ مُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ فَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ وَتَقْوِيمُهُ لِغَيْرِهِ احْتِيَاجُ غَيْرِهِ إِلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ: سَلْبٌ، وَالثَّانِي: إِضَافَةٌ، وَتَاسِعُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حقيقة وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ، فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي تَقْسِيمِ الْأَسْمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْمُ اسْمًا لِلَّهِ ﷾ أو لغيره من أقسام المحادثات فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ قِسْمٌ آخَرُ مِنْ أَقْسَامِ الْأَسْمَاءِ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّهُ هَلْ لِلَّهِ تَعَالَى بِحَسَبِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ اسْمٌ أَمْ لَا؟
اعْلَمْ أَنَّ الْخَوْضَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْبُوقٌ بِمُقَدِّمَاتٍ عَالِيَةٍ مِنَ الْمَبَاحِثِ الْإِلَهِيَّةِ.
الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى مُخَالِفٌ لِخَلْقِهِ، لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ لَا لِصِفَةٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَاتَهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ سَائِرِ الصِّفَاتِ إِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِخَلْقِهِ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِسَائِرِ الذَّوَاتِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُخَالَفَةُ ذَاتِهِ لِسَائِرِ الذَّوَاتِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِصِفَةٍ زَائِدَةٍ، فَاخْتِصَاصُ ذَاتِهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا وَقَعَتِ الْمُخَالَفَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَمْرٍ الْبَتَّةَ فَحِينَئِذٍ لَزِمَ رُجْحَانُ الْجَائِزِ لَا لِمُرَجِّحٍ، وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ آخَرَ لَزِمَ إِمَّا التَّسَلْسُلُ وَإِمَّا الدَّوْرُ وَهُمَا مُحَالَانِ، فَإِنْ قِيلَ، هِيَ قَوْلُنَا فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ خُصُوصِيَّةُ تِلْكَ الصِّفَةِ لِصِفَةٍ أُخْرَى وَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ.
الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ، لِأَنَّ سَلْبَ الْجِسْمِيَّةِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَفْهُومٌ سلبي،

1 / 108