64

The Keys to the Unknown

مفاتيح الغيب

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
وَخَرَّ لِفِيهِ، قُلْ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ، وَبِكَلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ.
وَالْخَبَرُ الثَّالِثُ: رَوَى مَالِكٌ أيضا في «الموطأ» أن كعب الأخبار كَانَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَائِهِ كُلِّهَا مَا قَدْ عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ.
وَالْخَبَرُ الرَّابِعُ:
رَوَى أَيْضًا مَالِكٌ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرَوَّعُ فِي مَنَامِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنْ يَحْضُرُونِ.
وَالْخَبَرُ الْخَامِسُ: مَا اشْتَهَرَ وَبَلَغَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ مِنْ خُرُوجِ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَدَعْوَتِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ.
وَالْخَبَرُ السَّادِسُ:
رَوَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي «الْهِدَايَةِ» أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ﵉ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ مَوْضِعَ الشَّيْطَانِ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَأَرَاهُ ذَلِكَ فَإِذَا رَأْسُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى قَلْبِهِ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى خَنَسَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى حَبَّةِ قَلْبِهِ.
وَالْخَبَرُ السَّابِعُ:
قَوْلُهُ ﵇: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» وَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهُ شَيْطَانٌ» قِيلَ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ»
وَالْأَحَادِيثُ فِي ذلك كثيرة، والقدر الذي ذكرناه كاف.
خلق الجن من النار:
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّ الْجِنَّ مَخْلُوقٌ مِنَ النَّارِ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ [الْحِجْرِ: ٢٧] وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الْأَعْرَافِ: ١٢] وَاعْلَمْ أَنَّ حُصُولَ الْحَيَاةِ فِي النَّارِ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَطِبَّاءَ قَالُوا: الْمُتَعَلِّقُ الْأَوَّلُ لِلنَّفْسِ هُوَ الْقَلْبُ وَالرُّوحُ، وَهُمَا فِي غَايَةِ السُّخُونَةِ، وَقَالَ جَالِينُوسُ: إِنِّي بَقَرْتُ مَرَّةً بَطْنَ قِرْدٍ فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي بَطْنِهِ، وَأَدْخَلْتُ أُصْبُعِي فِي قَلْبِهِ فَوَجَدْتُهُ فِي غَايَةِ السُّخُونَةِ بَلْ تَزِيدُ، وَنَقُولُ: أَطْبَقَ الْأَطِبَّاءُ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِسَبَبِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ كُرَةَ النار تكون مملوءة من الروحانيات.
سبب تسمية الجن جنا:
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: ذَكَرُوا قَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُمْ لِمَ سُمُّوا بِالْجِنِّ، الْأَوَّلُ: أَنَّ لَفْظَ الْجِنِّ مَأْخُوذٌ مِنَ الِاسْتِتَارِ، وَمِنْهُ الْجَنَّةُ لِاسْتِتَارِ أَرْضِهَا بِالْأَشْجَارِ، وَمِنْهُ الْجُنَّةُ لِكَوْنِهَا سَاتِرَةً لِلْإِنْسَانِ، وَمِنْهُ الْجِنُّ لِاسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْعُيُونِ، وَمِنْهُ الْمَجْنُونُ لِاسْتِتَارِ عَقْلِهِ، وَمِنْهُ الْجَنِينُ لِاسْتِتَارِهِ فِي الْبَطْنِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً [المجادلة: ١٦، المنافقون: ٢] أي وقاية وسترا، واعلم أن هَذَا الْقَوْلِ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْمَلَائِكَةُ مِنَ الجن

1 / 84