Mafātīḥ al-ghayb
مفاتيح الغيب
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
نَصَبْنَا أُمَّنَا حَتَّى ابْذَعَرُّوا ... وَصَارُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ سُلَالَا
فَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ لِأَنَّ مَفْزَعَ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِلَى هَذِهِ السُّورَةِ كَمَا أَنَّ مَفْزَعَ الْعَسْكَرِ إِلَى الرَّايَةِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَرْضَ أُمًّا، لِأَنَّ مَعَادَ الْخَلْقِ إِلَيْهَا فِي حَيَاتِهِمْ وَمَمَاتِهِمْ، وَلِأَنَّهُ يُقَالُ: أَمَّ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا قَصَدَهُ.
الِاسْمُ الرَّابِعُ: مِنْ أَسْمَاءِ هَذِهِ السورة «السبع الثاني» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي [الْحِجْرِ: ٨٧] وَفِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا بِالْمَثَانِي وُجُوهٌ: - الْأَوَّلُ: أَنَّهَا مَثْنَى: نِصْفُهَا ثَنَاءُ الْعَبْدِ لِلرَّبِّ، وَنِصْفُهَا عَطَاءُ الرَّبِّ لِلْعَبْدِ.
الثَّانِي: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ.
الثَّالِثُ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ،
قَالَ ﵊: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُ هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
الرَّابِعُ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ، كُلُّ آيَةٍ تَعْدِلُ قِرَاءَتُهَا قِرَاءَةَ سُبْعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَمَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ مَنْ قَرَأَ كُلَّ الْقُرْآنِ.
الْخَامِسُ: آيَاتُهَا سَبْعٌ، وَأَبْوَابُ النِّيرَانِ سَبْعَةٌ، فَمَنْ فَتَحَ لِسَانَهُ بِقِرَاءَتِهَا غُلِّقَتْ عَنْهُ الْأَبْوَابُ السَّبْعَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا
رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ ﵇ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: يَا مُحَمَّدُ، كُنْتُ أَخْشَى الْعَذَابَ عَلَى أُمَّتِكَ. فَلَمَّا نَزَلَتِ الْفَاتِحَةُ أَمِنْتُ، قَالَ: لِمَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ، لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ، لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ [الْحِجْرِ: ٤٣، ٤٤] وَآيَاتُهَا سَبْعٌ فَمَنْ قَرَأَهَا صَارَتْ كُلُّ آيَةٍ طَبَقًا عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، فَتَمُرُّ أُمَّتُكَ عَلَيْهَا مِنْهَا سَالِمِينَ.
السَّادِسُ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ إِنَّهَا تُثَنَّى بِسُورَةٍ أُخْرَى.
السَّابِعُ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا أُثْنِيَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمَدَائِحُ لَهُ.
الثَّامِنُ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا مَرَّتَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّا قَدْ بَالَغْنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي في سورة الحجر [الْحِجْرِ: ٨٧] .
الِاسْمُ الْخَامِسُ: الْوَافِيَةُ، كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُسَمِّيهَا بِهَذَا الِاسْمِ، قَالَ الثَّعْلَبِيُّ، وَتَفْسِيرُهَا أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّنْصِيفَ، أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ قُرِئَ نِصْفُهَا فِي رَكْعَةٍ وَالنِّصْفُ الثَّانِي فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى لَجَازَ، وَهَذَا التَّنْصِيفُ غَيْرُ جَائِزٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
الِاسْمُ السَّادِسُ: الْكَافِيَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَكْفِي عَنْ غَيْرِهَا، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَكْفِي عنها،
روى محمد بن الربيع عن عبادة بن الصامت قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا عَنْهَا» .
الِاسْمُ السَّابِعُ: الْأَسَاسُ، وَفِيهِ وُجُوهٌ: - الْأَوَّلُ: أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَهِيَ كالأساس.
1 / 158